فَذَكَرَهَا، وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْأَخْذِ بِالشِّدَّةِ فِي الْجِهَادِ، وَبَذْلُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الشَّهَادَةِ، وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ، وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.
٤٠٤٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ﵁ يَقُولُ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا، فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.
٤٠٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى غزوة أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ. وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ، وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ، فَنَزَلَتْ: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَسَيَأْتِي تَامًّا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مَعَ شَرْحِهِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) هُوَ الْخَطْمِيُّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ.
قَوْلُهُ: (رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ)، يَعْنِي: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ كَانَ وَافَقَ رَأْيُهُ رَأْيَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الْإِقَامَةِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَشَارَ غَيْرُهُ بِالْخُرُوجِ وَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فَخَرَجَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ لِأَصْحَابِهِ: أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي. عَلَامَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا؟ فَرَجَعَ بِثُلُثِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ: فَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَهُوَ وَالِدُ جَابِرٍ، وَكَانَ خَزْرَجِيًّا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَنَاشَدَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فَأَبَوْا فَقَالَ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِرْقَتَيْنِ) أَيْ فِي الْحُكْمِ فِيمَنِ انْصَرَفَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ.
قَوْلُهُ: (فَنَزَلَتْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ، خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَنْ لِي بِمَنْ يُؤْذِينِي؟ فَذَكَرَ مُنَازَعَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَفِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قَوْمًا أَتَوُا الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمُوا، فَأَصَابَهُمُ الْوَبَاءُ فَرَجَعُوا، وَاسْتَقْبَلَهُمْ نَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَافَقُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، فَنَزَلَتْ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةٌ تَنْفِي الذُّنُوبَ)، كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ: تَنْفِي الدَّجَّالَ، وَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ بِلَفْظِ: تَنْفِي الْخَبَثَ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ مُسْتَوْفًى.
قَوْلُهُ: (كَمَا تَنْفِي النَّارُ إِلَخْ) هُوَ حَدِيثٌ آخَرُ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ، وَقَدْ فَرَّقَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَيْنِ، فَذَكَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي بَابِ ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ: إِنَّهَا طَيْبَةٌ إِلَخْ فِي فَضْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ،