النَّحْلُ، وَالْعُرْفُطُ مَوْضِعٌ، وَتَفْسِيرُ الْجَرْسِ بِالتَّغَيُّرِ وَالْعُرْفُطِ بِالْمَوْضِعِ مُخَالِفٌ لِلْجَمِيعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَجَازَ ثَبَتَ هَكَذَا لَهُمْ، وَهُوَ صَحِيحٌ يُقَالُ: أَجَزْتُ الْوَادِيَ إِذَا قَطَعْتُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَالَّتِي تَلِيهَا.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ هُنَا جَازَ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ جَازَ عَلَى نِسَائِهِ أَيْ مَرَّ أَوْ سَلَكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ الْمَاضِيَةِ فِي الطَّلَاقِ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَخَلَ، وَقَوْلُهُ فِيهَا أُبَادِئُهُ بِهَمْزَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرْتُهُ فِيمَا مَضَى، وَقَوْلُهُ: فَرَقًا بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ خَوْفًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: إِنَّمَا سَاغَ لَهُنَّ أَنْ يَقُلْنَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ لِأَنَّهُنَّ أَوْرَدْنَهُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِفْهَامِ بِدَلِيلِ جَوَابِهِ بِقَوْلِهِ: لَا وَأَرَدْنَ بِذَلِكَ التَّعْرِيضَ لَا صَرِيحَ الْكَذِبِ، فَهَذَا وَجْهُ الِاحْتِيَالِ الَّتِي قَالَتْ عَائِشَةُ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ وَلَوْ كَانَ كَذِبًا مَحْضًا لَمْ يُسَمَّ حِيلَةً إِذْ لَا شُبْهَةَ لِصَاحِبِهِ.
١٣ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الِاحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ مِنْ الطَّاعُونِ
٦٩٧٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ. فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ.
وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
٦٩٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ الْوَجَعَ فَقَالَ: رِجْزٌ - أَوْ عَذَابٌ - عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا يُقْدِمَنَّ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وَقَعَ بِهَا فَلَا يَخْرُجْ فِرَارًا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الِاحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّاعُونُ وَعَنِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا، وَحَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ - أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَفِيهِ زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الطِّبِّ.
وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ هُنَا الْوَجَعُ بَدَلَ الطَّاعُونِ وَقَوْلُهُ: فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى قَالَ الْمُهَلَّبُ: يُتَصَوَّرُ التَّحَيُّلُ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ بِأَنْ يَخْرُجَ فِي تِجَارَةٍ أَوْ لِزِيَارَةٍ مَثَلًا وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنَ الطَّاعُونِ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ بِقِصَّةِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُقَدِّمُونَ خَبَرَ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى الرُّجُوعِ اعْتِمَادًا عَلَى خَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَحْدَهُ بَعْدَ أَنْ رَكِبُوا الْمَشَقَّةَ فِي الْمَسِيرِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ ثُمَّ رَجَعُوا وَلَمْ يَدْخُلُوا الشَّامَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute