للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السَّفِينَةِ إِنَّ أَبَا دَاوُدَ اشْتَرَى الْجَنَّةَ مِنَ اللَّهِ بِدِرْهَمٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ مَنْ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ أَنْ يُذَكِّرَهُ بِالْحَمْدِ لِيَحْمَدَ فَيُشَمِّتُهُ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. وَزَعَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ جَهْلٌ مِنْ فَاعِلِهِ، قَالَ: وَأَخْطَأَ فِيمَا زَعَمَ، بَلِ الصَّوَابُ اسْتِحْبَابُهُ. قُلْتُ: احْتَجَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ إِذَا نَبَّهَهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهَا، قَالَ: فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ جَمَعَ جَهَالَتَيْنِ؛ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَإِيقَاعُهُ التَّشْمِيتَ قَبْلَ وُجُودِ الْحَمْدِ مِنَ الْعَاطِسِ.

وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ - وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ - أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَحْمَدْ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ يَقُولُ مَنْ عَطَسَ؟ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. قُلْتُ: وَكَأَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَذْكُرِ الَّذِي عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ احْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، فَلَعَلَّ تَرْكَ ذَلِكَ لِذَلِكَ، لَكنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ بَطَّالٍ أَرَادَ تَأْدِيبَهُ عَلَى تَرْكِ الْحَمْدِ بِتَرْكِ تَشْمِيتِهِ، ثُمَّ عَرَّفَهُ الْحُكْمَ وَأَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ الْحَمْدَ لَا يَسْتَحِقُّ التَّشْمِيتَ. وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَفَعَلَ بَعْدَ النَّبِيِّ مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ ؛ شَمَّتَ مَنْ حَمِدَ وَلَمْ يُشَمِّتْ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ، كَمَا سَاقَ حَدِيثَهُ مُسْلِمٌ.

١٢٨ - بَاب إِذَا تَثَاءَبَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ

٦٢٢٦ - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا تَثَاوبَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي: تَثَاءَبَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْوَاوِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَحْبُوبِيِّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِالْوَاوِ، وَفِي رِوَايَةِ السِّنْجِيِّ بِالْهَمْزِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ بِالْهَمْزِ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَمَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَبِالْوَاوِ، قَالَ: وَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ مُسْلِمٍ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْهَمْزِ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْجَوْهَرِيُّ كَوْنَهُ بِالْوَاوِ، وَقَالَ: تَقُولُ تَثَاءَبْتُ عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلْتُ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْتُ، قَالَ: وَالتَّثَاؤُبُ أَيْضًا مَهْمُوزٌ، وَقَدْ يَقْلِبُونَ الْهَمْزَةَ الْمَضْمُومَةَ وَاوًا، وَالِاسْمُ الثُّؤَبَاءُ بِضَمٍّ ثُمَّ هَمْزٍ عَلَى وَزْنِ الْخُيَلَاءِ، وَجَزَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَثَابِتُ بْنُ قَاسِمٍ فِي الدَّلَائِلِ بِأَنَّ الَّذِي بِغَيْرِ وَاوٍ بِوَزْنِ تَيَمَّمْتُ، فَقَالَ ثَابِتٌ: لَا يُقَالُ تَثَاءَبَ بِالْمَدِّ مُخَفَّفًا، بَلْ يُقَالُ تَثَأَّبَ بِالتَّشْدِيدِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَصْلُهُ مِنْ ثَئِبَ فَهُوَ مَثْئُوبٌ إِذَا اسْتَرْخَى وَكَسِلَ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُمَا لُغَتَانِ، وَبِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ أَشْهَرُ.

قَوْلُهُ: (فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: عُمُومُ الْأَمْرِ بِالرَّدِّ يَتَنَاوَلُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فَيُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. قُلْتُ: وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ صَرِيحًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ: إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِثْلُ لَفْظِ التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ) قَالَ