هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ شَيْخُ اللَّيْثِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مُثَقَّلَةٌ مَدَنِيٌّ مِنْ مَوَالِي الْأَنْصَارِ لَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً إِلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْمُصَنِّفُ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ هَذَا ثَانِيهَا، وَتَوَقَّفَ الْجَوْزَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ حَالِهِ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ حَدِيثِ الْوِصَالِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِهِ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْهُ تَقْيِيدُ وِصَالِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَنَّهُ إِلَى السَّحَرِ، وَلَفْظُهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، فَفَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ. وَظَاهِرُهُ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا، فَإِنَّ مُقْتَضَى حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ، وَصَرِيحَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْإِذْنُ بِالْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ، وَالْمَحْفُوظَ فِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ إِطْلَاقُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالسَّحَرِ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرِوَايَةُ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ هَذِهِ شَاذَّةٌ، وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَضْبَطُ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ مَحْفُوظَةً فَقَدْ أَشَارَ ابْنُ خُزَيْمَةَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهَى ﷺ عَنِ الْوِصَالِ أَوَّلًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَمِيعَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضَهُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ خُصَّ النَّهْيُ بِجَمِيعِ اللَّيْلِ فَأَبَاحَ الْوِصَالَ إِلَى السَّحَرِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْ يُحْمَلُ النَّهْيُ فِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَالنَّهْيُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَا فَوْقَ السَّحَرِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٥١ - بَاب مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ
١٩٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ له: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ: فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ: نَمْ. فَنَامَ. ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ. فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ؛ فَصَلَّيَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: صَدَقَ سَلْمَانُ.
[الحديث ١٩٦٨ - طرفه في ٦١٣٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ، فَأَمَّا ذِكْرُ الْقَسَمِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي سَاقَهَا كَمَا سَأُبَيِّنُهُ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ، إِلَّا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَدْ أَقَرَّهُ الشَّارِعُ، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لَهُ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَى الْبَيَانِ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ طَعَامًا، فَلَمَّا وُضِعَ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute