للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

: دَعَاكَ أَخُوكَ وَتَكَلَّفَ لَكَ، أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ إِنْ شِئْتَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْهُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الْإِيجَابِ، وَقَوْلُهُ: إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْجَوَازَ وَعَدَمَ الْقَضَاءِ لِمَنْ كَانَ مَعْذُورًا بِفِطْرِهِ لَا مَنْ تَعَمَّدَهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ.

(تَنْبِيهٌ): قَوْلُهُ: أَوْفَقَ لَهُ يُرْوَى بِالْوَاوِ السَّاكِنَةِ، وَبِالرَّاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ، اسْمُهُ عُتْبَةُ ; وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَلَا رَأَيْتُ لَهُ رَاوِيًا عَنْهُ إِلَّا جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ، وَإِلَى تَفَرُّدِهِمَا بِذَلِكَ أَشَارَ الْبَزَّارُ.

قَوْلُهُ: (آخَى النَّبِيُّ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ) ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ: الْأُولَى قَبْلَ الْهِجْرَةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أُخُوَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ آخَى النَّبِيُّ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ، وَذَلِكَ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةُ آخَى النَّبِيُّ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ قُدُومِهِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَالْمَسْجِدُ يُبْنَى، وَقَدْ سَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنْهُمْ: أَبُو ذَرٍّ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَأَبُو ذَرٍّ مُهَاجِرِيٌّ، وَالْمُنْذِرُ أَنْصَارِيٌّ. وَأَنْكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ؛ لِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَا كَانَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدُ، وَإِنَّمَا قَدِمَهَا بَعْدَ سَنَةِ ثَلَاثٍ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا الْأُخُوَّةَ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ كَالَّذِي هُنَا، وَتَعَقَّبَهُ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ سَلْمَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَأَوَّلُ مَشَاهَدِهِ الْخَنْدَقُ، وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ التَّارِيخَ الْمَذْكُورَ لِلْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ ابْتِدَاءُ الْأُخُوَّةِ، ثُمَّ كَانَ النَّبِيُّ يُؤَاخِي بَيْنَ مَنْ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلُمَّ جَرًّا، وَلَيْسَ بِاللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ الْمُؤَاخَاةُ وَقَعَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً حَتَّى يَرِدَ هَذَا التَّعَقُّبُ، فَصَحَّ مَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَيَّدَهُ هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَاعْتَرَضَ الْوَاقِدِيُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ كُلَّ مُؤَاخَاةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ بَدْرٍ يَقُولُ: قَطَعَتْ بَدْرٌ الْمَوَارِيثَ.

قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَدْفَعُ الْمُؤَاخَاةَ مِنْ أَصْلِهَا، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْمُؤَاخَاةَ الْمَخْصُوصَةَ الَّتِي كَانَتْ عُقِدَتْ بَيْنَهُمْ لِيَتَوَارَثُوا بِهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَسْخِ التَّوَارُثِ الْمَذْكُورِ أَنْ لَا تَقْعَ الْمُؤَاخَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَنِحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ غَيْرِ هَذِهِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ فَذَكَرَ قِصَّةً لَهُمَا غَيْرَ الْمَذْكُورَةِ هُنَا، وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَنَزَلَ سَلْمَانُ الْكُوفَةَ وَنَزَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشَّامَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ: (فَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ) يَعْنِي: فِي عَهْدِ النَّبِيِّ فَوَجَدَ أَبَا الدَّرْدَاءِ غَائِبًا.

قَوْلُهُ: (مُتَبَذِّلَةً) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: لَابِسَةً ثِيَابَ الْبِذْلَةِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ وَهِيَ الْمِهْنَةُ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَارِكَةٌ لِلُبْسِ ثِيَابِ الزِّينَةِ. ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ مُبْتَذِلَةً بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَزْنَ مُفْتَعِلَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَفِي تَرْجَمَةِ سَلْمَانَ مِنَ الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَرَأَى امْرَأَتَهُ رَثَّةَ الْهَيْئَةِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً. وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هَذِهِ هِيَ خَيْرَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ بِنْتُ صَحَابِيٍّ، وَحَدِيثُهَا عَنِ النَّبِيِّ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَمَاتَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ هَذِهِ قَبْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلِأَبِي الدَّرْدَاءِ أَيْضًا امْرَأَةٌ أُخْرَى يُقَالُ لَهَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَابِعِيَّةٌ اسْمُهَا هَجِيمَةُ عَاشَتْ بَعْدَهُ دَهْرًا وَرَوَتْ عَنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ)؟ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ: يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ