للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمُتَبَذِّلَةً؟.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا) فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ فِي نِسَاءِ الدُّنْيَا وَزَادَ فِيهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ.

قَوْلُهُ: (فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ) زَادَ التِّرْمِذِيُّ فَرَحَّبَ بِسَلْمَانَ وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْقَائِلُ كُلْ هُوَ سَلْمَانُ وَالْمَقُولُ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ الْمُجِيبُ بِإِنِّي صَائِمٌ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: فَقَالَ: كُلْ، فَإِنِّي صَائِمٌ وَعَلَى هَذَا فَالْقَائِلُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَالْمَقُولُ لَهُ سَلْمَانُ وَكِلَاهُمَا يُحْتَمَلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَلْمَانَ وَهُوَ الضَّيْفُ أَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَتَّى يَأْكُلَ مَعَهُ، وَغَرَضُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيمَا يَصْنَعُهُ مِنْ جَهْدِ نَفْسِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا شَكَتْهُ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ) فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُفْطِرَنَّ وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ بِهِ، فَكَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَبَلَغَ الْبُخَارِيَّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ فَاسْتَعْمَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي التَّرْجَمَةِ مُشِيرًا إِلَى صِحَّتِهَا وَإِنَّ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ، وَقَدْ أَعَادَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَيْضًا، وَأَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كَابْنِ الْمُنِيرِ: إِنَّ الْقَسَمَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ لَفْظِ مَا أَنَا بِآكِلٍ كَمَا قُدِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ وَتَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ سَلْمَانَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يُقَرِّبُ لِضَيْفِهِ مَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَكَلَّفُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَيَسُوغُ حِينَئِذٍ التَّكَلُّفُ بِالطَّبْخِ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ) أَيْ: فِي أَوَّلِهِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَاتَ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ) فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَمْ زَادَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَتَمْنَعُنِي أَنْ أَصُومَ لِرَبِّي وَأُصَلِّيَ لِرَبِّي.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ) أَيْ: عِنْدَ السَّحَرِ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ولِلدّارَقُطْنِيِّ فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ.

قَوْلُهُ: (فَصَلَّيَا) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: فَقَامَا فَتَوَضَّآ ثُمَّ رَكَعَا ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) زَادَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ: وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ، وَائْتِ أَهْلَكَ.

قَوْلُهُ: (فَأَتَى النَّبِيَّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: فَأَتَيَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ بِالَّذِي قَالَ لَهُ سَلْمَانُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النَّبِيَّ أَشَارَ إِلَيْهِمَا بِأَنَّهُ عَلِمَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ مَا دَارَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، فَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ كَاشَفَهُمَا بِذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ أَطْلَعَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى صُورَةِ الْحَالِ، فَقَالَ لَهُ: صَدَقَ سَلْمَانُ.

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مُرْسَلًا فَعَيَّنَ اللَّيْلَةَ الَّتِي بَاتَ سَلْمَانُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلَفْظُهُ: قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُحْيِي لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَصُومُ يَوْمَهَا، فَأَتَاهُ سَلْمَانُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَزَادَ فِي آخِرِهَا: فَقَالَ النَّبِيُّ : عُوَيْمِرُ، سَلْمَانُ أَفْقَهُ مِنْكَ انْتَهَى، وَعُوَيْمِرُ اسْمُ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا: فَقَالَ النَّبِيُّ : لَقَدْ أُوتِيَ سَلْمَانُ مِنَ الْعِلْمِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ الْمَذْكُورَةِ: لَقَدْ أُشْبِعَ سَلْمَانُ عِلْمًا.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُؤَاخَاةِ فِي اللَّهِ، وَزِيَارَةُ الْإِخْوَانِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ، وَجَوَازُ مُخَاطَبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَالسُّؤَالُ عَمَّا يَتَرَتَّبُ