للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَوْ مَنْ شَاهَدَهُ فَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ، فِي رِوَايَاتِ حَمَّادٍ: فَفِيمَ؟ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ، وَالْمَعْنَى إِذَا سَبَقَ الْقَلَمُ بِذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إِلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى مَا قُدِّرَ لَهُ.

قَوْلُهُ: قَالَ كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَوْ لِمَا يُيَسَّرُ لَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: يُسِّرَ، بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا: قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ يَزِيدُونَ عَلَى الْعَشَرَةِ سَأُشِيرُ إِلَيْهَا فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الَّذِي يَلِيهِ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ: كُلُّ امْرِئٍ مُهَيَّأٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَآلَ مَحْجُوبٌ عَنِ الْمُكَلَّفِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عَمَلِ مَا أُمِرَ بِهِ، فَإِنَّ عَمَلَهُ أَمَارَةٌ إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْذُلَ جَهْدَهُ وَيُجَاهِدَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ الطَّاعَةِ لَا يَتْرُكَ وُكُولًا إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ، فَيُلَامَ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ، وَيَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ، وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِحَدِيثِ الْبَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّشْمِيرِ فِي الطَّاعَاتِ وَإِنْ جَرَى قَبْلَهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ وَفِيهِ قِصَّةٌ

لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ مَعَ عِمْرَانَ، وَفِيهِ قَوْلُهُ لَهُ: أَيَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا؟ فَقَالَ: لَا كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ. قَالَ عِيَاضٌ: أَوْرَدَ عِمْرَانُ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ شُبْهَةَ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ تَحَكُّمِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَدُخُولِهِمْ بِآرَائِهِمْ فِي حُكْمِهِ، فَلَمَّا أَجَابَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى ثَبَاتِهِ فِي الدِّينِ قَوَّاهُ بِذِكْرِ الْآيَةِ، وَهِيَ حَدٌّ لِأَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوْلُهُ: كُلٌّ خَلْقُ اللَّهِ وَمُلْكُهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ الْأَعْلَى الْخَالِقُ الْآمِرُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إِذَا تَصَرَّفَ فِي مُلْكِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَإِنَّمَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمَخْلُوقِ الْمَأْمُورِ.

٣ - بَاب اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ

٦٥٩٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ.

٦٥٩٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ "سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ"

٦٥٩٩ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله : "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا"

٦٦٠٠ - "قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ"

قَوْلُهُ: بَابُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ، الضَّمِيرُ لِأَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السُّؤَالِ، وَذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ