عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ، لَكِنْ صَرَّحَ الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُرَّةَ أَخْبَرَهُ، فَلَعَلَّهُ كَانَ حَمَلَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْهُ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ رِوَايَةَ الدَّرَاوَرْدِيِّ هَذِهِ.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيُّ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ بِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَمَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ ثُمَّ حَمَلَهُ عَنْ حَنْظَلَةَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ بِهِ لَكِنْ في هَذِهِ الرِّوَايَةُ انْقِطَاعٌ خَفِيَ عَلَى ابْنِ حِبَّانَ فَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي مُسْنَدِ مُسَدَّدٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي جَامِعِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ مَعْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ فِيمَا أَظُنُّ لِاشْتِهَارِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِهِ.
قَالَ ابْنُ التِّينِ: الطَّاعِمُ هُوَ الْحَسَنُ الْحَالِ فِي الْمَطْعَمِ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا مِنْ تَفَضُّلِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ جَعَلَ لِلطَّاعِمِ إِذَا شَكَرَ رَبَّهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ ثَوَابَ الصَّائِمِ الصَّابِرِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: التَّشْبِيهُ هُنَا فِي أَصْلِ الثَّوَابِ لَا فِي الْكَمِّيَّةِ وَلَا الْكَيْفِيَّةِ، وَالتَّشْبِيهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُمَاثَلَةَ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْجُهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: رُبَّمَا تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ ثَوَابَ الشُّكْرِ يَقْصُرُ عَنْ ثَوَابَ الصَّبْرِ فَأُزِيلُ تَوَهُّمُهُ، أَوْ وَجْهُ الشَّبَهِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي حَبْسِ النَّفْسِ، فَالصَّابِرُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى طَاعَةِ الْمُنْعِمِ وَالشَّاكِرُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ اهـ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ إِذْ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَكْلِ. وَفِيهِ رُفِعَ الِاخْتِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ وَالْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَأَنَّهُمَا سَوَاءٌ، كَذَا قِيلَ، وَمَسَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَفْضِيلَ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ أَعْلَى دَرَجَةً مِنَ الْمُشَبَّهِ، وَالتَّحْقِيقُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِذْقِ أَنْ لَا يُجَابَ فِي ذَلِكَ بِجَوَابٍ كُلِّيٍّ، بَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ. نَعَمْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَفَرْضُ رَفْعِ الْعَوَارِضِ بِأَسْرِهَا، فَالْفَقِيرُ أَسْلَمُ عَاقِبَةً فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ بِالسَّلَامَةِ شَيْءٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَكُونُ لَنَا عَوْدَةٌ إِلَى الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا فِي أَوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجُمُعَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى.
٥٧ - بَاب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ: وَهَذَا مَعِي
وَقَالَ أَنَسٌ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ
٥٤٦١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، أَتَى النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الْجُوعَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَهَبَ إِلَى غُلَامِهِ اللَّحَّامِ فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَيمًا يَكْفِي خَمْسَةً لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ ﷺ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا أَبَا شُعَيْبٍ، إِنَّ رَجُلًا، تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ. قَالَ: لَا، بَلْ أَذِنْتُ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute