عُمَرَ الْإِنْكَارَ عَلَى مَا رَوَاهُ لَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَبَادَرَ سُفْيَانُ إِلَى الِانْتِصَارِ لِشَيْخِهِ وَلِنَفْسِهِ وَسَلَكَ الْأَدَبَ مَعَ الَّذِي خَاطَبَهُ بِالْجَمْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
(خَاتِمَة):
اشْتَمَلَ كِتَابُ الِاسْتِئْذَانِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا، وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهُ فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ عِشْرُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: رَسُولُ الرَّجُلِ إِذْنُهُ وَحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْمُصَافَحَةِ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الِاحْتِبَاءِ، وَحَدِيثِهِ فِي الْبِنَاءِ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي خِتَانِهِ، وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ سَبْعَةُ آثَارٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
﷽
٨٠ - كِتَاب الدَّعَوَاتِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾
قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ دَعْوَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْوَاحِدَةُ وَالدُّعَاءُ الطَّلَبُ، وَالدُّعَاءُ إِلَى الشَّيْءِ الْحَثُّ عَلَى فِعْلِهِ، وَدَعَوْتُ فُلَانًا سَأَلْتُهُ وَدَعَوْتُهُ اسْتَغَثْتُهُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى رِفْعَةِ الْقَدْرِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ﴾ كَذَا قَالَ الرَّاغِبُ، وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إِلَى الَّذِي قَبْلَهُ وَيُطْلَقُ الدُّعَاءُ أَيْضًا عَلَى الْعِبَادَةِ.
وَالدَّعْوَى بِالْقَصْرِ الدُّعَاءُ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾ وَالِادِّعَاءُ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ وَقَالَ الرَّاغِبُ: الدُّعَاءُ عَلَى التَّسْمِيَةِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ وَقَالَ الرَّاغِبُ: الدُّعَاءُ وَالنِّدَاءُ وَاحِدٌ، لَكِنْ قَدْ يَتَجَرَّدُ النِّدَاءُ عَنْ الِاسْمِ، وَالدُّعَاءُ لَا يَكَادُ يَتَجَرَّدُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى مَا مُلَخَّصُهُ: جَاءَ الدُّعَاءُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا الْعِبَادَةُ، ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ﴾ وَمِنْهَا الِاسْتِغَاثَةُ ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ وَمِنْهَا السُّؤَالُ ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وَمِنْهَا الْقَوْلُ ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾ وَالنِّدَاءُ ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ﴾ وَالثَّنَاءُ ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾
قَوْلُهُ: وَقَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ الْآيَةَ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿دَاخِرِينَ﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي تَرْجِيحِ الدُّعَاءِ عَلَى التَّفْوِيضِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَفْضَلُ تَرْكُ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِسْلَامُ لِلْقَضَاءِ وَأَجَابُوا عَنِ الْآيَةِ بِأَنَّ آخِرَهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الْعِبَادَةُ لِقَوْلِهِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ الْآيَةَ أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ. وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ فَقَالُوا: الْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ فِي الْآيَةِ تَرْكُ الذُّنُوبِ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ الْحَجُّ عَرَفَةُ أَيْ مُعْظَمُ الْحَجِّ وَرُكْنُهُ الْأَكْبَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ وَقَدْ تَوَارَدَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالتَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute