للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِعَبْدٍ شَرًّا خَضَّرَ لَهُ فِي اللَّبِنِ وَالطِّينِ حَتَّى يَبْنِيَ وَمَعْنَى خَضَّرَ بِمُعْجَمَتَيْنِ حَسَّنَ وَزْنًا وَمَعْنًى.

وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بِشْرٍ الْأَنْصَارِيِّ بِلَفْظِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ سُوءًا أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الْبُنْيَانِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: مَرَّ بِي النَّبِيُّ وَأَنَا أُطَيِّنُ حَائِطًا، فَقَالَ: الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ. وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلتَّوَطُّنِ، وَمَا يَقِي الْبَرْدَ وَالْحَرَّ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ: أَمَا أنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا إِلَّا مَا لَا أَيْ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَرُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ إِلَّا الرَّاوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ أَبُو طَلْحَةَ الْأَسَدِيُّ، فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ وَاثِلَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ.

قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ. كَذَا فِي الْأَصْلِ وَسَعِيدٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ، وَنُسِبَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْأَشْدَقِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ يُقَالُ لَهُ السَّعِيدِيُّ، سَكَنَ مَكَّةَ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ وَالِدِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: عَنْ سَعِيدٍ

قَوْلُهُ (رَأَيْتُنِي) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ كَأَنَّهُ اسْتَحْضَرَ الْحَالَةَ الْمَذْكُورَةَ فَصَارَ لِشِدَّةِ عِلْمِهِ بِهَا كَأَنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ يَفْعَلُ مَا ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: مَعَ النَّبِيِّ أَيْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ

قَوْلُهُ (يُكِنُّنِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنْ أَكَنَّ إِذَا وَقَى وَجَاءَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ كَنَّ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَنَنْتُهُ وَأَكْنَنْتُهُ بِمَعْنًى أَيْ سَتَرْتُهُ وَأَسْرَرْتُهُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كَنَنْتُهُ صُنْتُهُ، وَأَكْنَنْتُهُ أَسْرَرْتُهُ.

قَوْلُهُ: مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ هُوَ تَأْكِيدٌ لِقولِهِ بَنَيْتُ بِيَدِي وَإِشَارَةٌ إِلَى خِفَّةِ مُؤْنَتِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعِيدِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَيْنِ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ، وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: أَدْخَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْبِنَاءِ بِالطِّينِ وَالْمَدَرِ، وَالْخَبَرُ إِنَّمَا هُوَ فِي بَيْتِ الشَّعْرِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَاوِيَ الزِّيَادَةِ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَلَيْسَ فِي التَّرْجَمَةِ تَقْيِيدٌ بِالطِّينِ وَالْمَدَرِ.

قَوْلُهُ: قَالَ عَمْرٌو، هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: لَبِنَةً بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِثْلِ كَلِمَةٍ وَيَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَسُكُونُ الْمُوَحَّدَةِ.

قَوْلُهُ: وَلَا غَرَسْتُ نَخْلَةً، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ الْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مَنْ غَرَسَ وَنِيَّتُهُ طَلَبُ الْكَفَافِ، أَوْ لِفَضْلِ مَا يَنَالُ مِنْهُ فَفِي ذَلِكَ الْفَضْلُ لَا الْإِثْمُ قُلْتُ: لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْإِثْمِ فِي الْخَبَرِ ذِكْرٌ حَتَّى يُعْتَرَضَ بِهِ، وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ فِي الْبِنَاءِ كُلِّهِ الْإِثْمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ التَّفْصِيلُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا زَادَ مِنْهُ عَلَى الْحَاجَةِ يَسْتَلْزِمُ الْإِثْمَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي الْغَرْسِ مِنَ الْأَجْرِ مِنْ أَجْلِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مَا لَيْسَ فِي الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْبِنَاءِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْأَجْرُ مِثْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ النَّفْعُ لِغَيْرِ الْبَانِي، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِلْبَانِي بِهِ الثَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ، لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، وَالْقَائِلُ هُوَ سُفْيَانُ.

قَوْلُهُ: قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى، زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَتِهِ بَيْتًا

قَوْلُهُ: قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ فَلَعَلَّهُ قَالَ قَبْلَ أَيْ، قَالَ: مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً إِلَخْ. قَيلَ أَنْ يُبْنَى الَّذِي ذَكَرْتُ، وَهَذَا اعْتِذَارٌ حَسَنٌ مِنْ سُفْيَانَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ نَفَى أَنْ يَكُونَ بَنَى بِيَدِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ وَكَانَ فِي زَمَنِهِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَالَّذِي أَثْبَتَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ كَانَ بَنَى بِأَمْرِهِ فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْلِهِ مَجَازًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِنَاؤُهُ بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ أَوْ شَعْرٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي نَفَاهُ ابْنُ عُمَرَ مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ، وَالَّذِي أَثْبَتَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِنَاءُ بَيْتٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، أَوْ إِصْلَاحُ مَا وَهَى مِنْ بَيْتِهِ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُؤْخَذُ مِنْ جَوَابِ سُفْيَانَ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا جَاءَ عَنْهُ قَوْلَانِ مُخْتَلِفَانِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِسَامِعِهِمَا أَنْ يَتَأَوَّلَهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَنْفِي عَنْهُمَا التَّنَاقُضَ تَنْزِيهًا لَهُ عَنِ الْكَذِبِ انْتَهَى، وَلَعَلَّ سُفْيَانَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ ابْنِ