للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ مُرْسَلًا أَنَّهُ كَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ مِنْ خَرَاجِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: وَهُوَ أَوَّلُ خَرَاجٍ حُمِلَ إِلَى النَّبِيِّ . وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَيْهِمْ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ الْحَدِيثَ. فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْآتِي بِالْمَالِ، لَكِنْ فِي الرِّدَّةِ لِلْوَاقِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْمَالِ هُوَ الْعَلَاءُ بْنُ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ، فَلَعَلَّهُ كَانَ رَفِيقَ أَبِي عُبَيْدَةَ. وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ: لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ. وَفِيهِ: فَلَمْ يَقْدُمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ الْحَدِيثَ، فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَلَيْسَ مُعَارِضًا لِمَا تَقَدَّمَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا النَّبِيُّ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَالَ خَرَاجٍ أَوْ جِزْيَةٍ فَكَانَ يَقْدُمُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: انْثُرُوهُ) أَيْ صُبُّوهُ.

قَوْلُهُ: (وَفَادَيْتُ عَقِيلًا) أَيِ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ أُسِرَ مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَقَوْلُهُ: (فَحَثَا) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَالضَّمِيرُ فِي ثَوْبِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبَّاسِ.

قَوْلُهُ: (يُقِلُّهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِقْلَالِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَالْحَمْلُ.

قَوْلُهُ: (مُرْ بَعْضَهُمْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ اؤْمُرْ بِالْهَمْزَةِ، وَقَوْلُهُ: (يَرْفَعْهُ) بالْجَزْمُ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ فَهُوَ يَرْفَعُهُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى كَاهِلِهِ) أَيْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (يُتْبِعُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِتْبَاعِ، وَ (عَجَبًا) بِالْفَتْحِ. وَقَوْلُهُ: (وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ هُنَاكَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ كَرَمِ النَّبِيِّ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ إِلَى الْمَالِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ مَالَ الْمَصَالِحِ فِي مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يُؤَخِّرَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ فِي بَابِ فِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ مُخْتَصَرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا جَوَازُ وَضْعِ مَا يَشْتَرِكُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَحِلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يُمْنَعْ مِمَّا وُضِعَ لَهُ الْمَسْجِدُ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِأَجْلِهِ، وَنَحْوُ وَضْعِ هَذَا الْمَالِ وَضْعُ مَالِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ وَضْعِ مَا يَعُمُّ نَفْعُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَاءِ لِشُرْبِ مَنْ يَعْطَشُ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا يُوضَعُ لِلتَّفْرِقَةِ وَبَيْنَ مَا يُوضَعُ لِلْخَزْنِ فَيُمْنَعُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ.

[الحديث ٤٢٢ - أطرافه في: ٦٦٨٨، ٥٤٥٠، ٥٣٨١، ٣٥٧٨]

٤٣ - بَاب مَنْ دَعَا لِطَعَامٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَنْ أَجَابَ منه

٤٢٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ أَنَسًا قَالَ: وَجَدْتُ النَّبِيَّ فِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ نَاسٌ، فَقُمْتُ، فَقَالَ لِي: آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لِطَعَامٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ: قُومُوا. فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ دَعَا لِطَعَامٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ أَجَابَ مِنْهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَمَنْ أَجَابَ إِلَيْهِ. أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ مُخْتَصَرًا، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِأَحَدِ شِقَّيِ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ الثَّانِي، وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: فِي الْمَسْجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دَعَا لَا بِقَوْلِهِ: طَعَامٌ فَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لَيْسَ مِنَ اللَّغْوِ الَّذِي يُمْنَعُ فِي الْمَسَاجِدِ. وَمِنْ فِي قَوْلِهِ: مِنْهُ ابْتِدَائِيَّةٌ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَعُودُ عَلَى الطَّعَامِ، ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ بَدَلَ لِمَنْ حَوْلَهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الدُّعَاءِ إِلَى الطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيمَةً، وَاسْتِدْعَاءُ الْكَثِيرِ إِلَى الطَّعَامِ الْقَلِيلِ، وَأَنَّ الْمَدْعُوَّ إِذَا عَلِمَ مِنَ الدَّاعِي أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ أَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ