للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ الْإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ آنِفًا لِقَوْلِهِ فِيهِ: أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ، وَأَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ الْوَقْفَ بِالصَّدَقَةِ، لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ بِقِصَّةِ سَعْدٍ نَظَرٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: أُشْهِدُكَ يَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْإِشْهَادِ الْمُعْتَبَرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْإِعْلَامُ، وَاسْتَدَلَّ الْمُهَلَّبُ لِلْإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ قَالَ: فَإِذَا أَمَرَ بِالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ وَلَهُ عِوَضٌ فَلَأَنْ يُشْرَعَ فِي الْوَقْفِ الَّذِي لَا عِوَضَ لَهُ أَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ دَفْعَ التَّوَهُّمِ عَمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ؛ فَيُنْدَبُ إِخْفَاؤُهُ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَشْرَعُ إِظْهَارُهُ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا مِنَ الْوَرَثَةِ.

٢١ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾

٢٧٦٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ : ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ قَالَتْ: فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالْتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنْ النِّسَاءِ، قَالَ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الْأَوْفَى مِنْ الصَّدَاقِ وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ ﷿: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي التَّفْسِيرِ، وَقَدْ أَغْفَلَ الْمِزِّيُّ عَزْوَ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى كِتَابِ الْوَصَايَا.

٢٢ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾، ﴿حَسِيبًا﴾ يَعْنِي كَافِيًا.