الصَّارِفَةُ عَنِ الْحَقِيقَةِ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ الْهَاشِمِيَّةِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهَا الصَّدَقَةُ.
قَوْلُهُ: (إِنَّكَ) الْخِطَابُ لِسَعْدٍ، وَالْمُرَادُ هُوَ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ.
قَوْلُهُ: (وَجْهُ اللَّهِ) أَيْ: مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا أُجِرْتَ) يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ اسْتِثْنَاءً.
قَوْلُهُ: (حَتَّى): هِيَ عَاطِفَةٌ وَمَا بَعْدَهَا مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ، وَمَا: مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ.
قَوْلُهُ: (فِي فَمِ امْرَأَتِكِ) وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: فِي فِي امْرَأَتِكِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هِيَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَذْفُ الْمِيمِ بِدَلِيلِ جَمْعِهِ عَلَى أَفْوَاهٍ وَتَصْغِيرُهُ عَلَى فُوَيْهٍ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَحْسُنُ إِثْبَاتُ الْمِيمِ عِنْدَ الْإِفْرَادِ وَأَمَّا عِنْدَ الْإِضَافَةِ فَلَا إِلَّا فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ اهـ. وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِهِ بِمَكَّةَ وَعِيَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ وَقَوْلُهُ: أُوصِي بِشَطْرِ مَالِي الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ: تَبْتَغِي - أَيْ: تَطْلُبُ - بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْحَظَّ إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ لَا يَقْدَحُ فِي ثَوَابِهِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ اللُّقْمَةِ فِي في الزَّوْجَةِ يَقَعُ غَالِبًا فِي حَالَةِ الْمُدَاعَبَةِ، وَلِشَهْوَةِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ مَدْخَلٌ ظَاهِرٌ. وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا وَجَّهَ الْقَصْدُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إِلَى ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ حَصَلَ لَهُ بِفَضْلِ اللَّهِ. قُلْتُ: وَجَاءَ مَا هُوَ أَصْرَحُ فِي هَذَا الْمُرَادِ مِنْ وَضْعِ اللُّقْمَةِ، وهو مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. قَالُوا: يا رسول الله، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ؟ الْحَدِيثَ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ هَذَا بِهَذَا الْمَحَلِّ - مع مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ - فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ؟ قَالَ: وَتَمْثِيلُهُ بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَةٌ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ; لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَجْرُ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِزَوْجَةٍ غَيْرِ مُضْطَرَّةٍ فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ أَطْعَمَ لُقَمًا لِمُحْتَاجٍ، أَوْ عَمِلَ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا مَشَقَّتُهُ فَوْقَ مَشَقَّةِ ثَمَنِ اللُّقْمَةِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْحَقَارَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَدْنَى اهـ. وَتَمَامُ هَذَا أَنْ يُقَالَ: وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ مَعَ مُشَارَكَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِي النَّفْعِ بِمَا يُطْعِمُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي حُسْنِ بَدَنِهَا، وهو يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِذَلِكَ، وَأَيْضًا فَالْأَغْلَبُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ يَقَعُ بِدَاعِيَةِ النَّفْسِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مُجَاهَدَتِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[الحديث ٥٣ - أطرافه في: ٧٥٥٦، ٧٢٦٦، ٦١٧٦، ٤٣٦٩، ٤٣٦٨، ٣٥١٠، ٣٠٩٥، ١٣٩٨، ٥٢٣، ٨٧]
[الحديث ٥٥ - طرفاه في: ٥٣٥١، ٤٠٠٦]
[الحديث ٥٦ - أطرافه في: ٦٧٣٣، ٦٣٧٢، ٥٦٦٨، ٥٦٥٩، ٥٣٥٤، ٤٤٠٩، ٣٩٣٦، ٢٧٤٤، ٢٧٤٢، ١٢٩٥]
٤٢ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾
٥٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حدثنا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قال: حدثنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
[الحديث ٥٧ - أطرافه في: ٧٢٠٤، ٢٧٥، ٢٧١٤، ٢١٥٧، ١٤٠١، ٥٢٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ) هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَرْجَمَةَ بَابٍ، وَلَمْ يُخَرِّجُهُ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْكِتَابِ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ، وَنَبَّهَ بِإِيرَادِهِ عَلَى صَلَاحِيَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا أَوْرَدَهُ مِنَ الْآيَةِ وَحَدِيثِ جَرِيرٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: قلت لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ: إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ بِحَدِيثٍ، وَرَجَوْتُ أَنْ تُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا - أَيْ فَتُحَدِّثَنِي بِهِ عَنْ أَبِيكَ - قال: فقال: