للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نُسِبَ إِلَيْهِمْ وَالْمُتَكَلِّمُ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمْ، وَتُعُقِّبَ بِظُهُورِ الْفَرْقِ.

وَاحْتَجَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: يُجْزِي عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِي عَنِ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَزَّارُ، وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، وَآخَرُ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

وَاحْتَجَّ ابْنُ بَطَّالٍ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَدِئَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ تَكْرِيرُ السَّلَامُ بِعَدَدِ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ سَلَامِ آدَمَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، قَالَ: فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى كُلٍّ فَرْدٍ فَرْدٍ إِذَا سَلَّمَ الْوَاحِدُ عَلَيْهِمْ. وَاحْتَجَّ الْمَاوَرْدِيُّ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْعَدَدِ مِنَ الْجَنَائِزِ، وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: إِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ وَاجِبًا ; لِأَنَّ السَّلَامَ مَعْنَاهُ الْأَمَانُ، فَإِذَا ابْتَدَأَ بِهِ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الشَّرُّ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ ذَلِكَ التَّوَهُّمُ عَنْهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَعَانِي لَفْظِ السَّلَامِ فِي بَابِ السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مُوَافَقَةُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، حَيْثُ قَالَ: لَا يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ الْمَجْلِسِ إِذَا كَانَ سَلَّمَ حِينَ دَخَلَ، وَوَافَقَهُ الْمُتَوَلِّي، وَخَالَفَهُ الْمُسْتَظْهَرِيُّ فَقَالَ: السَّلَامُ سُنَّةٌ عِنْدَ الِانْصِرَافِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ وَاجِبًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، كَذَا قَالَ.

قَوْلُهُ: (فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَلِلْجَمِيعِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَوَقَعَ هُنَا لِأَبِي ذَرٍّ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ يَعْنِي الْجَنَّةَ وَكَأَنَّ لَفْظَ الْجَنَّةِ سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِهِ فَزَادَ فِيهِ يَعْنِي.

قَوْلُهُ: (عَلَى صُورَةِ آدَمَ) تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيَتَحَيَّوْنَ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ: وَفِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَزَلِ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، ثُمَّ لَمَّا حَكَى لِلْعَرَبِ تَرْجَمَ بِلِسَانِهِمْ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ ذُكِرَتْ قَصَصُهُمْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ نُقِلَ كَلَامُهُمْ بِالْعَرَبِيِّ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ بِالْعَرَبِيِّ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَهُمْ تُرْجِمَ بِالْعَرَبِيِّ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِهِ وَالْأَخْذُ بِنُزُولٍ مَعَ إِمْكَانِ الْعُلُوِّ، وَالِاكْتِفَاءُ فِي الْخَبَرِ مَعَ إِمْكَانِ الْقَطْعِ بِمَا دُونَهُ. وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي بَيْنَ آدَمَ وَالْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَوْقَ مَا نُقِلَ عَنِ الْإِخْبَارِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ بِكَثِيرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ.

٢ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ. قَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ، يقَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ. ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾، ﴿خَائِنَةَ الأَعْيُنِ﴾ مِنْ النَّظَرِ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنْ النِّسَاءِ: لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً. وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِي