للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي الْبُخَارِيِّ هُنَا، وَكَذَا لِلْجَمِيعِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَلِأَحْمَدَ، وَمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَتُ اللَّهِ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْخَطَّابِيِّ، وَاسْتُدِلَّ بِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِ لِمَنْ يَقُولُ: يُجْزِئُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقَعَ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُبْتَدَأُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، قِيلَ: وَيَكْفِي أَيْضًا الرَّدُّ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ مَنْ رَدَّ فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ.

قَوْلُهُ: (فَزَادُوهُ وَرَحْمَتُ اللَّهِ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الزِّيَادَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ لِوُقُوعِ التَّحِيَّةِ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ فَلَوْ زَادَ الْمُبْتَدِئُ: وَرَحْمَتُ اللَّهِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُزَادَ: وَبَرَكَاتُهُ، فَلَوْ زَادَ وَبَرَكَاتُهُ فَهَلْ تُشْرَعُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّدِّ؟ وَكَذَا لَوْ زَادَ الْمُبْتَدِئُ عَلَى وَبَرَكَاتُهُ، هَلْ يُشْرَعُ لَهُ ذَلِكَ؟ أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْتَهَى السَّلَامُ إِلَى الْبَرَكَةِ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَه (١) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، فَقَالَ: حَسْبُكَ إِلَى وَبَرَكَاتُهُ انْتَهَى إِلَى وَبَرَكَاتُهُ.

وَمِنْ طَرِيقِ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: انْتَهَى السَّلَامُ إِلَى وَبَرَكَاتُهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْجَوَازُ، فَأَخْرَجَ مَالِكٌ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ أَنَّهُ زَادَ فِي الْجَوَابِ: وَالْغَادِيَاتُ وَالرَّائِحَاتُ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ إِذَا رَدَّ السَّلَامَ، فَأَتَيْتُهُ مَرَّةً فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَزِدْتُ: وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ وَزَادَ: وَطِيبُ صَلَوَاتِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَطِيبُ صَلَوَاتِهِ.

وَنَقَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ الْجَوَازُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْبَرَكَةِ إِذَا انْتَهَى إِلَيْهَا الْمُبْتَدِئُ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَشْرٌ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُ اللَّهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: عِشْرُونَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَزَادَ: وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ وَقَالَ: ثَلَاثُونَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: ثَلَاثُونَ حَسَنَةً وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا صَرَّحَ بِالْمَعْدُودِ.

وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ مَعَ النَّبِيِّ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ رَفَعَهُ: مَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ زَادَ وَرَحْمَتُ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَمَنْ زَادَ وَبَرَكَاتُهُ كُتِبَتْ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ نَحْوَ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَزَادَ وَمَغْفِرَتُهُ فَقَالَ أَرْبَعُونَ، وَقَالَ: هَكَذَا تَكُونُ الْفَضَائِلُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي كِتَابِهِ بِسَنَدٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَمُرُّ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوَانُهُ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: كُنَّا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ قُلْنَا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الضَّعِيفَةُ إِذَا انْضَمَّتْ قَوِيَ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الزِّيَادَةِ عَلَى وَبَرَكَاتُهُ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَجَاءَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى كُلٍّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ ; لِأَنَّ فِيهِ: فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ، وَتُعُقِّبَ


(١) قال مصحح طبعة بولاق: لعله محرف عن "بابه" كما تقدم غير مرة