لِلْبَاقِينَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَجَوَّزَ ابْنُ طَاهِرٍ، وَالْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَبِهِ جَزَمَ الْمِزِّيُّ، وَكُنْتُ أُجَوِّزُ أَنَّهُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ لِثُبُوتِهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ إِلَى أَنْ رَأَيْتُ فِي سِيَاقِهِ لَهُ مُغَايِرَةً. وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ، وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ لَهُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ.
قَوْلُهُ: (فَتَقَدَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَا أَنَّهُمُ اطَّلَعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ، وَمَضَتْ فَوَائِدُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
٢٦ - بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا
٦٤١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا، فَنَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى بُطْحَانَ، وَأَنَا مَعَهُ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى يَعْنِي الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَا صَلَّيْنَا) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لَمْ نُصَلِّ وَيَقُولُ نُصَلِّي. قُلْتُ: وَكَرَاهَةُ النَّخَعِيِّ إِنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ مُنْتَظِرِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ بَطَّالٍ بِذَلِكَ، وَمُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ كَمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ، فَإِطْلَاقُ الْمُنْتَظِرِ مَا صَلَّيْنَا يَقْتَضِي نَفْيَ مَا أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ فَلِذَلِكَ كَرِهَهُ، وَالْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ نَاسٍ لَهَا، أَوْ مُشْتَغِلٍ عَنْهَا بِالْحَرْبِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فِي أَبْوَابِ الْمَوَاقِيتِ، فَافْتَرَقَ حُكْمُهُمَا وَتَغَايَرَا.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ الْمَحْكِيَّةَ عَنِ النَّخَعِيِّ، لَيْسَتْ عَلَى إِطْلَاقِهَا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ، وَلَوْ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى النَّخَعِيِّ مُطْلَقًا لَأَفْصَحَ بِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِالرَّدِّ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فِي تَرْجَمَةِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ وَقَعَ النَّفْيُ فِيهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَا مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ، لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ الرَّجُلِ أَيْضًا، وَهُوَ عُمَرُ كَمَا أَوْرَدَهُ فِي الْمَغَازِي، وَهَذِهِ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلْمُؤَلِّفِ يُتَرْجِمُ بِبَعْضِ مَا وَقَعَ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَسُوقُهُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يُورِدُهَا فِي تِلْكَ التَّرْجَمَةِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَا فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ فِي قِصَّةِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَهَوْنَا، فَلَمْ نُصَلِّ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَبَقِيَّةُ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ تَقَدَّمَتْ فِي الْمَوَاقِيتِ.
قَوْلُهُ: (مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ) وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُسْتَشْكِلًا: كَيْفَ يَكُونُ الْمَجِيءُ بَعْدَ الْغُرُوبِ؟ لِأَنَّ الصَّائِمَ إِنَّمَا يُفْطِرُ حِينَئِذٍ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْيَوْمِ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ زَمَانَ الْخَنْدَقِ، وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ التَّارِيخِ لَا خُصُوصُ الْوَقْتِ اهـ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ إِشَارَةً إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي خَاطَبَ بِهِ عُمَرُ النَّبِيَّ ﷺ لَا إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ عُمَرُ الْعَصْرَ، فَإِنَّهُ كَانَ قُرْبَ الْغُرُوبِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَادَ. وَأَمَّا إِطْلَاقُ الْيَوْمِ وَإِرَادَةُ زَمَانِ