للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ بِالتَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ تَعَبُّدٌ دُونَ نَظَرٍ إِلَى الْمَعْنَى، أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَمَرْدُودٌ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لِثُبُوتِ التَّرْغِيبِ فِيهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ لِمَحْضِ النَّظَافَةِ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣ - بَاب الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ

٨٨٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكرِ بْنِ الْمُنكَدِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ. قَالَ عَمْرٌو: أَمَّا الْغُسْلُ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لَا، وَلَكِنْ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو بَكْرٍ هَذَا. رَوَاهُ عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ أَيْضًا لِوُقُوعِ الِاحْتِمَالِ فِيهِ كَمَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) كَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَهُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَاقْتَصَرَ الْبَاقُونَ عَلَى حَدَّثَنَا عَلِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ التَّأْكِيدَ لِلرِّوَايَةِ. انْتَهَى. وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الْقَائِلُ أَشْهَدُ وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ رَجُلًا كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَسْتَنَّ) أَيْ يُدَلِّكَ أَسْنَانَهُ بِالسِّوَاكِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَمَسَّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ.

قَوْلُهُ: (إِنْ وَجَدَ) مُتَعَلِّقٌ بِالطِّيبِ، أَيْ: إِنْ وَجَدَ الطِّيبَ مَسَّهُ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ: وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ قَالَ عِيَاضٌ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِرَادَةَ التَّأْكِيدِ لِيَفْعَلَ مَا أَمْكَنَهُ، وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْكَثْرَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ، فَإِبَاحَتُهُ لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ عَدَمِ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِنِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَسِّ الْأَخْذُ بِالتَّخْفِيفِ فِي ذَلِكَ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الرِّفْقِ، وَعَلَى تَيْسِيرِ الْأَمْرِ فِي التَّطَيُّبِ بِأَنْ يَكُونَ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ حَتَّى إِنَّهُ يُجْزِئُ مَسُّهُ مِنْ غَيْرِ تَنَاوُلِ قَدْرٍ يُنْقِصُهُ تَحْرِيضًا عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَمْرٌو)، أَيِ: ابْنُ سُلَيْمٍ رَاوِي الْخَبَرِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَطْفَ لَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَكَأَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ تَأْكِيدُ الطَّلَبِ لِلثَّلَاثَةِ، وَكَأَنَّهُ جَزَمَ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ دُونَ غَيْرِهِ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَتَوَقَّفَ فِيمَا عَدَاهُ لِوُقُوعِ الِاحْتِمَالِ فِيهِ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَنَّ مَعْطُوفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فَيَكُونُ وَاجِبًا أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وَأَنْ يَسْتَنَّ وَيَتَطَيَّبَ اسْتِحْبَابًا، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: إِنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ ثُمَّ قَالَ: وَالسِّوَاكُ وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ وَيَأْتِي فِي شَرْحِ بَابِ الدَّهْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ وَفِيهِ تَرَدُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي وُجُوبِ الطِّيبِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَنَّ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ أَبِي سَعِيدٍ خَلَطَهُ الرَّاوِي بِكَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ انْتَهَى.

وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ قَالَ