للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (ابْنُ جَبْرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّصْغِيرِ فَقَدْ صَحَّفَ؛ لِأَنَّ ابْنَ جُبَيْرٍ وَهُوَ سَعِيدٌ لَا رِوَايَةَ لَهُ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَالرَّاوِي هُنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ جَبْرٍ. وَفِي الْإِسْنَادِ كُوفِيَّانِ أَبُو نُعَيْمٍ وَشَيْخُهُ، وَبَصْرِيَّانِ أَنَسٌ وَالرَّاوِي عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (يَغْسِلُ)؛ أَيْ: جَسَدَهُ، وَالشَّكُّ فِيهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ لَمَّا حَدَّثَهُ بِهِ، فَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ: يَغْتَسِلُ. وَلَمْ يَشُكَّ.

قَوْلُهُ: (بِالصَّاعِ) هُوَ إِنَاءٌ يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا بِالْبَغْدَادِيِّ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: ثَمَانِيَةً.

قَوْلُهُ: (إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ) أَيْ كَانَ رُبَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّاعِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَرُبَّمَا زَادَ عَلَيْهَا إِلَى خَمْسَةٍ، فَكَأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ فِي الْغَسْلِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا النِّهَايَةَ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ هُوَ الْفَرَقُ، قال ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالِ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَدَّرَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ بِمَا ذَكَرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ كَابْنِ شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَذَا مَنْ قال بِهِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ فِي مِقْدَارِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ، وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ قَدَّرَ وُضُوءَهُ وَغُسْلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدَّرَهُمَا بِذَلِكَ، فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ سَفِينَةَ مِثْلُهُ، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ جَابِرٍ مِثْلُهُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إِلَى الزِّيَادَةِ، وَهُوَ أَيْضًا فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ خَلْقُهُ مُعْتَدِلًا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ: وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْإِسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ -

.

٤٨ - بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

٢٠٢ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو، حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ؛ إِذَا حَدَّثَكَ سَعْدٌ عَنْ النَّبِيّ ؛ فَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعْدًا. . .، فَقَالَ عُمَرُ، لِعَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قال: لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْهُمْ إِنْكَارُهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِثْبَاتُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ السَّلَفِ إِنْكَارُهُ إِلَّا عَنْ مَالِكٍ، مَعَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ عَنْهُ مُصَرِّحَةٌ بِإِثْبَاتِهِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ عِنْدَهُمُ الْآنَ قَوْلَانِ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا، ثَانِيهُمَا لِلْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ. وَهَذَا الثَّانِي مقتضى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَصَحَّحَ الْبَاجِيُّ الْأَوَّلَ وَنَقَلَهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ نَحْوَهُ وَأَنَّ مَالِكًا إِنَّمَا كَانَ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَعَ إِفْتَائِهِ بِالْجَوَازِ، وَهَذَا مِثْلُ مَا صَحَّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الصَّحَابِيِّ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؛ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ نَزْعُهُمَا وَغَسْلُ الْقَدَمَيْنِ؟