مَالِهِ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ ﷺ إِنَّمَا بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ لَا رَقَبَتَهُ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ إِذْ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ كَانَ فِي مَنْفَعَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ.
وَأَوْرَدَهُ هُنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عُمُومُ الْأَمْرِ بِبَيْعِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ، فَيَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُدَبَّرَةٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اعْتِذَارٍ.
١١١ - بَاب هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؟
وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ ﵄: إِذَا وُهِبَتْ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾
٢٢٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا) هَكَذَا قَيَّدَ بِالسَّفَرِ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْهُ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ ذَلِكَ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يُصِيبُ مَا دُونَ الْفَرْجِ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: قَوْلُ الْحَسَنِ: إِنْ كَانَ فِي الْمَسْبِيَّةِ صَوَابٌ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بَيْنَ الْمَسْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عُتِقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ) أَمَّا قَوْلُهُ الْأَوَّلُ، فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ، وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ الْحَمْلَ أَوْ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ الْوَطْءِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَفِي الِاسْتِبْرَاءِ شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ، وَلِهَذَا تُسْتَبْرَأُ الَّتِي أَيِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنْ أَرَادَ عَطَاءٌ بِالْحَامِلِ مَنْ حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْتَابُ فِي حِلِّهِ، وَإِنْ أَرَادَ مِنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ.