ابْنِ مَسْعُودٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْهُ قَالَ: مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: الْحَفَدَةُ الْخُدَّامُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: الْحَفَدَةُ الْبَنُونَ وَبَنُو الْبَنِينَ، وَمَنْ أَعَانَكَ مِنْ أَهْلٍ أَوْ خَادِمٍ فَقَدْ حَفَدَكَ. وَهَذَا أَجْمَعُ الْأَقْوَالِ، وَبِهِ تَجْتَمِعُ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ. وَأَصْلُ الْحَفَدِ مُدَارَكَةُ الْخَطْوِ وَالْإِسْرَاعِ فِي الْمَشْيِ، فَأُطْلِقَ عَلَى مَنْ يَسْعَى فِي خِدْمَةِ الشَّخْصِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا أُحِلَّ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي النَّاسِخِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: الرِّزْقُ الْحَسَنُ الْحَلَالُ، وَالسَّكَرُ الْحَرَامُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَزَادَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ سُورَةُ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ: السَّكَرُ خَمْرُ الْأَعَاجِمِ. وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ وَقِيلَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا﴾ أَهُوَ هَذَا الَّذِي تَصْنَعُ النَّبَطُ؟ قَالَ لَا، هَذَا خَمْرٌ، وَإِنَّمَا السَّكَرُ نَقِيعُ الزَّبِيبِ، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ. وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ وَانْتَصَرَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَدَقَةَ (أَنْكَاثًا) هِيَ خَرْقَاءُ كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْعَدَنِيِّ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ تُسَمَّى خَرْقَاءُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَفِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ أَنَّ اسْمَهَا بَطَّةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةِ بْنِ تَمِيمٍ، وَعِنْدَ الْبَلَاذُرِيِّ أَنَّهَا وَالِدَةُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ، وَأَنَّهَا بِنْتُ سَعْدِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ مُرَّةَ. وَفِي غُرَرِ التِّبْيَانِ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْزِلُ هِيَ وَجَوَارِيهَا مِنَ الْغَدَاةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ ثُمَّ تَأْمُرُهُنَّ بِنَقْضِ ذَلِكَ، هَذَا دَأْبُهَا لَا تَكُفُّ عَنِ الْغَزْلِ وَلَا تُبْقِي مَا غَزَلَتْ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ مِثْلُ رِوَايَةِ صَدَقَةِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ نَكَثَ عَهْدَهُ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أُمِّ زُفَرٍ الْآتِي ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَصَدَقَةُ هَذَا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ أَقْدَمَ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ: صَدَقَةُ هَذَا هُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ يَرْوِي عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُنَا رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ، وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَكْفِي فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ صَدَقَةَ هَذَا عَنِ السُّدِّيِّ، فَإِنَّ صَدَقَةَ بْنَ الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيَّ مَا أَدْرَكَ السُّدِّيُّ وَلَا أَصْحَابُ السُّدِّيِّ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ صَدَقَةَ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَاضِي الْأَهْوَازِ لِأَنَّ لِابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ رِوَايَةٌ، إِلَى أَنْ رَأَيْتُ فِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ صَدَقَةَ أَبُو الْهُذَيْلِ، ورَوَى عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلَهُ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانِ فِي الثِّقَاتِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَكَذَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ لَكِنْ قَالَ: صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ الْقَارِئُ صَاحِبُ مُجَاهِدٍ، فَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ، وَوَضَّحَ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا، فَيَسْتَدِرْكُ عَلَى مَنْ صَنَّفَ فِي رِجَالِهِ فَإِنَّ الْجَمِيعَ أَغْفَلُوهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْأُمَّةُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ ; وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْمَوَاعِظِ وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُرِئَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ﴾ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذًا كَانَ أُمَّةٌ قَانِتًا لِلَّهِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْأُمَّةُ؟ الْأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ، وَالْقَانِتُ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
١ - بَاب ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾
٤٧٠٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْوَرُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute