للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٣ - كِتَاب الْجَنَائِزِ

١ - بَاب فِي الْجَنَائِزِ وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ

١٢٣٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ، عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.

قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابُ الْجَنَائِزِ) كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ، وَأَبِي الْوَقْتِ، وَالْبَسْمَلَةُ مِنَ الْأَصْلِ، وَلِكَرِيمَةَ بَابٌ فِي الْجَنَائِزِ وَكَذَا لِأَبِي ذَرٍّ لَكِنْ بِحَذْفِ بَابٌ وَالْجَنَائِزُ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا غَيْرَ، جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لُغَتَانِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَجَمَاعَةٌ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ، وَقِيلَ: بِالْكَسْرِ لِلنَّعْشِ، وَبِالْفَتْحِ لِلْمَيِّتِ، وَقَالُوا: لَا يُقَالُ: نَعْشٌ إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ.

(تَنْبِيهٌ): أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كِتَابَ الْجَنَائِزِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِمَا، وَلِأَنَّ الَّذِي يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِنْ غُسْلٍ وَتَكْفِينٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَهَمُّهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، لِمَا فِيهَا مِنْ فَائِدَةِ الدُّعَاءِ لَهُ بِالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ وَلَا سِيَّمَا عَذَابَ الْقَبْرِ الَّذِي سَيُدْفَنُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) قِيلَ: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: حَذَفَ الْمُصَنِّفُ جَوَابَ مَنْ مِنَ التَّرْجَمَةِ مُرَاعَاةً لِتَأْوِيلِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَأَبْقَاهُ إِمَّا لِيُوَافِقَهُ أَوْ لِيُبْقِيَ الْخَبَرَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي زُرْعَةَ: أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ أَرَادُوا تَلْقَيْنَهُ، فَتَذَكَّرُوا حَدِيثَ مُعَاذٍ، فَحَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ بِإِسْنَادِهِ، وَخَرَجَتْ رُوحُهُ فِي آخِرِ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

(تَنْبِيهٌ): كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي التَّلْقِينِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِهِ فَاكْتَفَى بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ كَذَلِكَ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: هَذَا الْخَبَرُ يَتَنَاوَلُ بِلَفْظِهِ مَنْ قَالَهَا فَبَغَتَهُ الْمَوْتُ، أَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ لَكِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ غَيْرِهَا، وَيَخْرُجُ بِمَفْهُومِهِ مَنْ تَكَلَّمَ لَكِنِ اسْتَصْحَبَ حُكْمَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نُطْقٍ بِهَا، فَإِنْ عَمِلَ أَعْمَالًا سَيِّئَةً كَانَ فِي الْمَشِيئَةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَعْمَالًا صَالِحَةً فَقَضِيَّةُ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ النُّطْقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ الْمُسْتَصْحَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى. وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ لُقِّنَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَأُكْثِرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِذَا قُلْتُ مَرَّةً فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَّمْ بِكَلَامٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى التَّفْرِقَةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ) يَجُوزُ نَصْبُ مِفْتَاحُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَرَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، كَأَنَّ الْقَائِلَ أَشَارَ إِلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَرْسَلَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ لَهُ: إِذَا سُئِلْتَ عَنْ مِفْتَاحِ الْجَنَّةِ فَقُلْ: مِفْتَاحُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَزَادَ: وَلَكِنْ مِفْتَاحٌ بِلَا أَسْنَانٍ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَظِيرُ مَا أَجَابَ بِهِ وَهْبٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُدْرَجَةً فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ. وَأَمَّا أَثَرُ وَهْبٍ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رُمَّانَةَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ، قَالَ: