قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْمَوَاشِي، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتْ السُّبُلُ، وَهَلَكَتْ الْمَوَاشِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ. فَانْجَابَتْ عَنْ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الدُّعَاءِ إِذَا انْقَطَعَتِ السُّبُلُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ) أَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ أَيْ: وَسَائِرُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ مِمَّا يُشْرَعُ الِاسْتِصْحَاءُ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى سَبْقِ السُّقْيَا، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يُوَافِقُهُ وَزَادَ: أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْخُرُوجُ لِلِاسْتِصْحَاءِ وَلَا الصَّلَاةِ وَلَا تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ، بَلْ يُدْعَى بِذَلِكَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ فِي أَعْقَابِ الصَّلَاةِ، وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ قَالَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّهُ لَيْسَ قَوْلَ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ.
١١ - بَاب مَا قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
١٠١٨ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ هَلَاكَ الْمَالِ وَجَهْدَ الْعِيَالِ، فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِي، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَلَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ إِلَخْ) إِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ قِيلَ مَعَ صِحَّةِ الْخَبَرِ لِأَنَّ الَّذِي قَالَ فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ أَوْ مَنْ دُونَهُ فَلِأَجْلِ هَذَا التَّرَدُّدِ لَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ، وَأَيْضًا فَسُكُوتُ الرَّاوِي عَنْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْوُقُوعِ. وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلِيُبَيِّنَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَضَى بَابُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَيِ الَّذِي يُقَامُ فِي الْمُصَلَّى. وَهَذَا السِّيَاقُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ مُخْتَصَرٌ جِدًّا، وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا مِنَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا، وَفِيهِ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
١٢ - بَاب إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الْإِمَامِ لِيَسْتَسْقِيَ لَهُمْ لَمْ يَرُدَّهُمْ
١٠١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْمَوَاشِي، وَتَقَطَّعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا اللَّهَ فَمُطِرْنَا مِنْ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتْ السُّبُلُ، وَهَلَكَتْ الْمَوَاشِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الْجِبَالِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، فَانْجَابَتْ عَنْ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الْإِمَامِ لِيَسْتَسْقِيَ ثُمَّ لَمْ يَرُدَّهُمْ) أَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute