للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - بَاب: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿عَارِضٌ﴾ السَّحَابُ

٤٨٢٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ.

[الحديث ٤٨٢٨ - طرفه في: ٦٠٩٢]

٤٨٢٩ - قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ، فَقَالُوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾

قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ الْآيَةَ) سَاقَهَا غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَارِضٌ: السَّحَابُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرِّيحُ إِذَا أَثَارَتْ سَحَابًا قَالُوا هَذَا عَارِضٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ) كَذَا لَهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو النَّضْرِ هُوَ سَالِمٌ الْمَدَنِيُّ، وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ الْأَعْلَى مَدَنِيُّونَ وَالْأَدْنَى مِصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتَهُ) بِالتَّحْرِيكِ جَمْعُ لَهَاةٍ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ فِي أَعْلَى الْحَنَكِ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى لَهًى بِفَتْحِ اللَّامِ مَقْصُورٌ.

قَوْلُهُ: (إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ لِأَنَّ ظُهُورَ النَّوَاجِذِ - وَهِيَ الْأَسْنَانُ الَّتِي فِي مُقَدِّمَةِ الْفَمِ أَوِ الْأَنْيَابُ - لَا يَسْتَلْزِمُ ظُهُورَ اللَّهَاةِ.

قَوْلُهُ: (عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْههِ) عَبَّرَتْ عَنِ الشَّيْءِ الظَّاهِرِ فِي الْوَجْهِ بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ إِذَا رَأَى مَخِيلَةً أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِهَذَا الدُّعَاءِ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ فِي أَوَاخِرِ الِاسْتِسْقَاءِ.

قَوْلُهُ: (عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الَّذِينَ عُذِّبُوا بِالرِّيحِ غَيْرَ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ، لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرَ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ آيَةِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ عُذِّبُوا بِالرِّيحِ هُمُ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ، فَفِي هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ﴾ الْآيَاتِ. وَفِيهَا: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وَقَدْ أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ عَنِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا تَطَّرِدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السِّيَاقِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَيْنُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ فَلَا. ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَادًا قَوْمَانِ قَوْمٌ بِالْأَحْقَافِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْعَارِضِ وَقَوْمٌ غَيْرُهُمْ، قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ. لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّجْمِ: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى﴾ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ثَمَّ عَادًا أُخْرَى.

وَقَدْ أَخْرَجَ قِصَّةَ عَادٍ الثَّانِيَةِ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ