التِّينِ: زَادَ ابْنُ فَارِسٍ أَنَّ الْعَبْدَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ: لُكَعُ. انْتَهَى. وَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَرَادَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
وَقَالَ بِلَالُ بْنُ جَرِيرٍ التَّمِيمِيُّ: اللُّكَعُ فِي لُغَتِنَا الصَّغِيرُ، وَأَصْلُهُ فِي الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ. وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ: اللُّكَعُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ وَلَا غَيْرِهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَلَاكِيعِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ السُّلَّا. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَسَنَ صَغِيرٌ لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَئِيمٌ وَلَا عَبْدٌ.
قَوْلُهُ: (فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا) أَيْ: مَنَعَتْهُ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِ قَلِيلًا، وَالْفَاعِلُ فَاطِمَةُ.
قَوْلُهُ: (فَطَنَّنْتُ أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ خَفِيفَةٌ وَبِمُوَحَّدَةٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ قِلَادَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ قُرُنْفُلٍ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: هُوَ خَيْطٌ مِنْ خَرَزٍ يَلْبَسُهُ الصِّبْيَانُ وَالْجَوَارِي، وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ أَحَدِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: السِّخَابُ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنَ الْحَنْظَلِ كَالْقَمِيصِ وَالْوِشَاحِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَغْسِلُهُ) فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَتَغْسِلُهُ بِالْوَاوِ.
قَوْلُهُ: (فَجَاءَ يَشْتَدُّ) أَيْ: يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ، فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَجَاءَ الْحَسَنُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: أَثَمَّ لُكَعُ؟ يَعْنِي: حَسَنًا وَكَذَا قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ بِلَفْظِ: فَقَالَ: أَيْنَ لُكَعُ، ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي.
قَوْلُهُ: (فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ) فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ هَكَذَا. أَيْ: مَدَّهَا. فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَحِبَّهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ: الدُّعَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: أَحْبِبْهُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ، زَادَ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ تَوْقِيرِ النَّبِيِّ ﷺ وَالْمَشْيِ مَعَهُ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ مِنَ الدُّخُولِ فِي السُّوقِ وَالْجُلُوسِ بِفِنَاءِ الدَّارِ، وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَالْمُزَاحُ مَعَهُ، وَمُعَانَقَتُهُ وَتَقْبِيلُهُ، وَمَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَنَاقِبِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي) فِيهِ تَقْدِيمُ اسْمِ الرَّاوِي عَلَى الصِّيغَةِ وَهُوَ جَائِزٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ شَيْخُ سُفْيَانَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَيَانَ لُقِيِّ عُبَيْدِ اللَّهِ، لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ فَلَا تَضُرُّ الْعَنْعَنَةُ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ إِذَا ثَبَتَ لِقَاؤُهُ لِمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ حُمِلَتْ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُدَلِّسِ، أَوْ فِيمَنْ لَمْ يَثْبُتُ لُقِيُّهُ لِمَنْ رَوَى عَنْهُ. وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْوِتْرَ هُنَا لِأَنَّهُ لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ الْمَوْصُولَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ لِبَيَانِ مَا ثَبَتَ فِي الْوِتْرِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي نَقْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُشْتَرَى مِنْهُ إِلَى حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ، وَفِيهِ حَدِيثُهُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ إِدْخَالُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْأَسْوَاقِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّوقَ اسْمٌ لِكُلِّ مَكَانٍ وَقَعَ فِيهِ التَّبَايُعِ بَيْنَ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ، فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِالْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِالسُّوقِ، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَكَانٍ يَقَعُ فِيهِ التَّبَايُعُ، فَالْعُمُومُ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ.
٥٠ - بَاب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي الْأَسْوَاقِ
٢١٢٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي التَّوْرَاةِ قَالَ: أَجَلْ. وَاللَّهِ