١٨ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ
١١٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَبْلُ؟ قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ.
١١٥١ - قال: وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ قُلْتُ فُلَانَةُ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ فَذُكِرَ مِنْ صَلَاتِهَا فَقَالَ مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنْ الأَعْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا"
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْمَلَالِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْعِبَادَةِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَسْجِدَ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ) أَيِ اللَّتَيْنِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَكَأَنَّهُمَا كَانَتَا مَعْهُودَتَيْنِ لِلْمُخَاطَبِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ؛ بِالتَّنْكِيرِ.
قَوْلُهُ: (قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ) جَزَمَ كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ فِي مُبْهَمَاتِهِ بِأَنَّهَا بِنْتُ جَحْشٍ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ صَرِيحًا. وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ بْنِ الْمُلَقِّنِ أَنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ رَوَاهُ كَذَلِكَ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ زِيَادَةً عَلَى قَوْلِهِ: قَالُوا لِزَيْنَبَ. أَخْرَجَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَ عَنْ أَحَدِهِمَا: زَيْنَبُ، وَلَمْ يَنْسُبْهَا، وَقَالَ عَنْ آخَرَ: حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَهَذِهِ قَرِينَةٌ فِي كَوْنِ زَيْنَبَ هِيَ بِنْتَ جَحْشٍ. وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ أَيْضًا، فَلَعَلَّ نِسْبَةَ الْحَبْلِ إِلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِلْكٌ لِإِحْدَاهُمَا وَالْأُخْرَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّ بَنَاتِ جَحْشٍ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تُدْعَى زَيْنَبُ فِيمَا قِيلَ، فَعَلَى هَذَا فَالْحَبْلُ لِحَمْنَةَ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا زَيْنَبُ بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا الْآخَرِ. وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَقَالُوا: لِمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ، وَوَهِمَ مَنْ فَسَّرَهَا بِجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَإِنَّ لِتِلْكَ قِصَّةً أُخْرَى تَقَدَّمَتْ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَزَادَ مُسْلِمٌ: فَقَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا فَتَرَتْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: كَسِلَتْ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِالشَّكِّ: فَإِذَا فَتَرَتْ أَوْ كَسِلَتْ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ ﷺ: لَا) يَحْتَمِلُ النَّفْيَ؛ أَيْ: لَا يَكُونُ هَذَا الْحَبْلُ، أَوْ لَا يُحْمَدُ، وَيَحْتَمِلُ النَّهْيَ؛ أَيْ: لَا تَفْعَلُوهُ، وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ: (نَشَاطُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ؛ أَيْ: مُدَّةَ نَشَاطِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلْيَقْعُدْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرًا بِالْقُعُودِ عَنِ الْقِيَامِ، فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَالْقُعُودِ فِي أَثْنَائِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِالْقُعُودِ عَنِ الصَّلَاةِ؛ أَيْ: بِتَرْكِ مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنَفُّلِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ حَدِيثُ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا، وَلَعَلَّهُ طَرَفٌ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي