للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَوْ بَعِيرُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ أَوْ مَاتَ عَلَى أَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ شَهِيدٌ.

١٠ - بَاب مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﷿

٢٨٠٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ - إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فَضْلُهُ.

قَوْلُهُ: (لَا يُكْلَمُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ يُجْرَحُ.

قَوْلُهُ: (أَحَدٌ) قَيَّدَهُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْمُسْلِمِ.

قَوْلُهُ: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلهِ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ قَصَدَ بِهَا التَّنْبِيهَ عَلَى شَرْطِيَّةِ الْإِخْلَاصِ فِي نَيْلِ هَذَا الثَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ) فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِيَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذَا طُعِنَتْ تُفَجَّرُ دَمًا.

قَوْلُهُ: (وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ) فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَالْعَرْفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ وَهُوَ الرَّائِحَةُ، وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ، لَوْنُهَا الزَّعْفَرَانُ وَرِيحُهَا الْمِسْكُ وَعُرِفَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالشَّهِيدِ بَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ لِكُلِّ مَنْ جُرِحَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْجُرْحِ هُوَ مَا يَمُوتُ صَاحِبُهُ بِسَبَبِهِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ لَا مَا يَنْدَمِلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ أَثَرَ الْجِرَاحَةِ وَسَيَلَانَ الدَّمِ يَزُولُ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَضْلٌ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَجُرْحُهُ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ طَابِعُ الشُّهَدَاءِ وَقَوْلُهُ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ كَهَيْئَتِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يُنْقَصُ شَيْئًا بِطُولِ الْعَهْدِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ فِي بَعْثِهِ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَاهِدٌ بِفَضِيلَتِهِ بِبَذْلِهِ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ يُدْفَنُ بِدِمَائِهِ وَثِيَابِهِ وَلَا يُزَالُ عَنْهُ الدَّمُ بِغُسْلٍ وَلَا غَيْرِهِ، لِيَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ . وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا يُبْعَثَ كَذَلِكَ، وَيُغْنِي عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لِتَرْكِ غُسْلِ الشَّهِيدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي مَكَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١١ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ ﷿ ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ

٢٨٠٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمْ الْعَاقِبَةُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿ ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ تَفْسِيرُ