خَرَجَ مُرْهِبًا لِلْعَدُوِّ وَلِيَظُنُّوا أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يُوهِنْهُمْ عَنْ طَلَبِ عَدُوِّهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ لَقِيَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَعْبَدِ الْخُزَاعِيُّ فِيمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَعَزَّاهُ بِمُصَابِ أَصْحَابِهِ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ وَهُمْ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ تَلَوَّمُوا فِي أَنْفُسِهِمَا وَقَالُوا: أَصَبْنَا جُلَّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَأَشْرَافَهُمْ وَانْصَرَفْنَا قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ، وَهَمُّوا بِالْعَوْدِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَخْبَرَهُمْ مَعْبَدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ خَرَجَ فِي طَلَبِكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَثَنَاهُمْ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِهِمْ فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ. وَعِنْدَ عَبْدِ الله بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ نَحْوُ هَذَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ: أُرَاهُ ابْنُ سَلَّامٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا﴾ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَرَأَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا﴾ أَوْ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمِ الزُّبَيْرُ) أَيِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ.
قَوْلُهُ: (فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: (سَبْعُونَ رَجُلًا) وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ، اهـ. وَقَدْ سُمِّيَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ ذَكَرَ الْخَمْسَةَ الْأَوَّلِينَ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ عُرْوَةَ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ. وَقَدْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَبَا بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرَ.
٢٦ - بَاب مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ
مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالْيَمَانُ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ
٤٠٧٨ - حَدَّثَنِا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَغر يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ: وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ.
٤٠٧٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَخْبَرَهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا"
٤٠٨٠ - وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ "لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يَنْهَوْنِي وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَنْهَ وَقال النبي ﷺ: "لَا تَبْكِيهِ مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ"
٤٠٨١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ