٦٠١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ هُوَ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا) كَذَا حَذَفَ الْمَفْعُولَ اكْتِفَاءً بِشُهْرَةِ الْحَدِيثِ، وأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ، وَاتَّفَقَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَدِيثُ قَبْلَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ، وَكُلٌّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحٌ لِأَنَّ سَعِيدًا أَدْرَكَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعَ مِنْهُ أَحَادِيثَ وَسَمِعَ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَشْيَاءَ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَا تَارَةً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهَا وَبَيَّنَ الِاخْتِلَافَ عَلَى سَعِيدٍ فِيهَا، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاسْتَثْبَتَ أَبَاهُ فِيهَا، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهَا تَارَةً عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَارَةً عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا، وَإِلَّا لَحَدَّثَ بِالْجَمِيعِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَقِيَّةُ الْمَتْنِ وَلَوْ فِرْسِنُ شَاةٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ: حَافِرُ الشَّاةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْكَلَامُ عَلَى إِعْرَابِ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ اخْتِصَارًا.
لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ يَعْرِفُونَ الْمُرَادَ مِنْهُ، أَيْ لَا تَحْقِرَنَّ أَنْ تُهْدِيَ إِلَى جَارَتِهَا شَيْئًا وَلَوْ أَنَّهَا تُهْدِي لَهَا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْغَالِبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّحَابُبِ وَالتَّوَادُدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِتُوَادِدِ الْجَارَةُ جَارَتَهَا بِهَدِيَّةٍ وَلَوْ حَقِرَتْ، فَيَتَسَاوَى فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَخُصَّ النَّهْيُ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ مَوَارِدُ الْمَوَدَّةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَلِأَنَّهُنَّ أَسْرَعُ انْفِعَالًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلْمُعْطِيَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُهْدَى إِلَيْهَا. قُلْتُ: وَلَا يَتِمُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمُهْدَى إِلَيْهَا إِلَّا بِجَعْلِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِجَارَتِهَا بِمَعْنَى مِنْ وَلَا يَمْتَنِعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ.
٣١ - بَاب مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ
٦٠١٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ.
٦٠١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ؛ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ، قَيلَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ.
[الحديث ٦٠١٩ - طرفاه في: ٦١٣٥، ٦٤٧٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ وَآخَرَ لِأَبِي شُرَيْحٍ.
قَوْلُهُ: (أَبُو الْأَحْوَصِ) هُوَ سَلَّامٌ بِالتَّشْدِيدِ ابْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ، وَأَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute