غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ أصاب مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا.
فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلَا تُجِيبُونه؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ. قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلَا تُجِيبُونه؟ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ.
[الحديث ٣٠٣٩ - أطرافه في: ٣٩٨٦، ٤٠٤٣، ٤٠٦٧، ٤٥٦١]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْحَرْبِ) أَيْ: مِنَ الْمُقَاتَلَةِ فِي أَحْوَالِ الْحَرْبِ.
قَوْلُهُ: (وَعُقُوبَةُ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ) أَيْ: بِالْهَزِيمَةِ وَحِرْمَانِ الْغَنِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ يَعْنِي الْحَرْبَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَقَوْلُهُ: يَعْنِي الْحَرْبَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: قَالَ قَتَادَةُ: الرِّيحُ الْحَرْبُ وَهَذَا قَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا نَحْوَهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ مَجَازِيٌّ، فَالْمُرَادُ بِالرِّيحِ الْقُوَّةُ فِي الْحَرْبِ، وَالْفَشَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ: الْجُبْنُ، يُقَالُ: فَشَلَ، إِذَا هَابَ أَنْ يُقْدِمَ جُبْنًا. وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ
أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَفِيهِ: وَلَا تَخْتَلِفَا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي مَكَانِهِ مِنْ أَوَاخِرِ الْمَغَازِي.
ثَانِيهِمَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي قِصَّةِ غَزَاةِ أُحُدٍ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّ الْهَزِيمَةَ وَقَعَتْ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الرُّمَاةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ أَيْضًا مُسْتَوْفًى فِي الْكَلَامِ عَلَى غَزْوَةِ أُحُدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٦٥ - بَاب إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ
٣٠٤٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ. قَالَ: وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ليلا، سَمِعُوا صَوْتًا، قَالَ: فَتَلَقَّاهُمْ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَ: لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَجَدْتُهُ بَحْرًا. يَعْنِي الْفَرَسَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ) أَيْ: يَنْبَغِي لِأَمِيرِ الْعَسْكَرِ أَنْ يَكْشِفَ الْخَبَرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَنْدُبَهُ لِذَلِكَ.
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْهِبَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِرَارًا.