شَيْخِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ فِيهِ بِلَفْظِ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ وَرِوَايَةُ هَارُونَ هَذِهِ وَقَعَتْ لَنَا مَوْصُولَةً فِي مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَفِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ كِلَاهُمَا عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازِ بِمُعْجَمَاتٍ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا، وَبَيَانُ مَنْ بَلَّغَ ابْنَ عُمَرَ مِيقَاتَ يَلَمْلَمَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ شَيْخُهُ فِيهِ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ. وَشَيْخُهُ سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: وَذُكِرَ الْعِرَاقُ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ ذُكِرَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَلَمْ يُسَمَّ، وَالْمُجِيبُ هُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَقِيلَ لَهُ: الْعِرَاقُ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ أَيْ: بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ بِلَادَ الْعِرَاقِ كُلَّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَتْ بِأَيْدِي كِسْرَى وَعُمَّالِهِ مِنَ الْفُرْسِ وَالْعَرَبِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْعِرَاقِ مُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ حَتَّى يُوَقِّتَ لَهُمْ، وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ ذِكْرُ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عُمَرَ نَفْيُ الْعِرَاقَيْنِ؛ وَهُمَا الْمِصْرَانِ الْمَشْهُورَانِ؛ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِنَّمَا صَارَ مِصْرًا جَامِعًا بَعْدَ فَتْحِ الْمُسْلِمِينَ بِلَادَ الْفُرْسِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: حَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَيِ: ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَبَقِيَّتُهُ تُوَافِقُ حَدِيثَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ بِحَدِيثٍ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: عَنِ الْمُهَلَّبِ غَرَضُ الْبُخَارِيِّ بِهَذَا الْبَابِ وَأَحَادِيثِهِ تَفْضِيلُ الْمَدِينَةِ بِمَا خَصَّهَا اللَّهُ بِهِ مِنْ مَعَالِمِ الدِّينِ، وَأَنَّهَا دَارُ الْوَحْيِ وَمَهْبِطُ الْمَلَائِكَةِ بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ، وَشَرَّفَ اللَّهُ بُقْعَتَهَا بِسُكْنَى رَسُولِهِ، وَجَعَلَ فِيهَا قَبْرَهُ وَمِنْبَرَهُ وَبَيْنَهُمَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى أَحَادِيثِ الْبَابِ بِمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ، وَالْبَحْثُ فِيهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ، وَحَذَفْتُ مَا بَعْدَ الْحَدِيثِ الْعَاشِرِ مِنْ كَلَامِهِ لِقِلَّةِ جَدْوَاهُ، وَقَدْ ظَهَرَ عِنْوَانُهُ فِيمَا ذَكَرْتُهُ عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْعَشَرَةِ الْأُولَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَفَضْلُ الْمَدِينَةِ ثَابِتٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ خَاصٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي فَضْلِهَا فِي آخِرِ الْحَجِّ مَا فِيهِ شِفَاءٌ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ هُنَا تَقَدُّمُ أَهْلِهَا فِي الْعِلْمِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَقْدِيمَهُمْ فِي بَعْضِ الْأَعْصَارِ، وَهُوَ الْعَصْرُ الَّذِي كَانَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ مُقِيمًا بِهَا فِيهِ، وَالْعَصْرُ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ فِي الْأَمْصَارِ، فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ الْعَصْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ اسْتِمْرَارُ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَنْ سَكَنَهَا فِي كُلِّ عَصْرٍ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَعْمِيمِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَعْصَارَ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْ بَعْدِ زَمَنِ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا
بِالْمَدِينَةِ مَنْ فَاقَ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهَا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ فَضْلًا عَنْ جَمِيعِهِمْ، بَلْ سَكَنَهَا مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ الشَّنْعَاءِ مَنْ لَا يُشَكُّ فِي سُوءِ نِيَّتِهِ وَخُبْثِ طَوِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٧ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾
٧٣٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ - وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، قَالَ -: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، فِي الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾
قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute