﴿نُنَجِّيكَ﴾ نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ النَّشَزُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ
٤٦٨٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا.
قَوْلُهُ: بَابُ ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾ سَقَطَ لِلْأَكْثَرِ بَابُ وَسَاقُوا الْآيَةَ إِلَى ﴿مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.
قَوْلُهُ: ﴿نُنَجِّيكَ﴾ نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ النَّشَزُ، الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ أَيْ نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ أَيِ ارْتِفَاعٍ اهـ، وَالنَّجْوَةُ هِيَ الرَّبْوَةُ الْمُرْتَفِعَةُ وَجَمْعُهَا نِجًى بِكَسْرِ النُّونِ وَالْقَصْرُ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ نُنَجِّيكَ مِنَ النَّجَاةِ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ، وَقَدْ قِيلَ هُوَ بِمَعْنَاهَا وَالْمُرَادُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ قَوْمُكُ مِنْ قَعْرِ الْبَحْرِ، وَقِيلَ هُوَ (١) وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ السَّمَيْفَعِ وَغَيْرُهُمَا (نُنَحِّيكَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نُلْقِيكَ بِنَاحِيَةٍ، وَوَرَدَ سَبَبُ ذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَمُتْ فِرْعَوْنُ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ كَالثَّوْرِ الْأَحْمَرِ، وَهَذَا مَوْقُوفٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ لَمْ يُصَدِّقْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ بِذَلِكَ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ لِيَكُونَ لَهُمْ عِظَةٌ وَآيَةٌ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ قَالَ مِنْ تَخَلَّفَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنِ: مَا غَرِقَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ، وَلَكِنَّهُمْ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ يَتَصَيَّدُونَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْبَحْرِ أَنِ الْفِظْ فِرْعَوْنَ عُرْيَانًا، فَلَفَظَهُ عُرْيَانًا أَصْلَعَ أَخْنَسَ قَصِيرًا، فَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿بِبَدَنِكَ﴾ قَالَ بِجَسَدِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي صَخْرٍ الْمَدَنِيِّ قَالَ: الْبَدَنُ الدِّرْعُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الصِّيَامِ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ قَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: ذَاكَ يَوْمٌ نُجِّيَ فِيهِ مُوسَى وَأُغْرِقَ فِرْعَوْنُ.
١١ - سُورَةُ هُودٍ
وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: الْأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿بِبَدَنِكَ﴾ مَا ظَهَرَ لَنَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْجُودِيُّ: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: ﴿بِبَدَنِكَ﴾ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿بِبَدَنِكَ﴾ أَمْسِكِي. ﴿بِبَدَنِكَ﴾ شَدِيدٌ. ﴿بِبَدَنِكَ﴾ بَلَى. ﴿بِبَدَنِكَ﴾ نَبَعَ الْمَاءُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ هُودٍ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ثَبَتَتِ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ.
قوله: (وقال أبو ميسرة: الأواه: الرحيم بالحبشية) تقدم في ترجمة إبراهيم من أحاديث الأنبياء، وسقط هنا من رواية أبي ذر.
قوله: (وقال ابن عباس: ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ ما ظهر لنا، وقال مجاهد: ﴿الْجُودِيِّ﴾ جبل بالجزيرة. وقال الحسن: ﴿إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ يستهزئون به. وقال ابن عباس: أقلعي: أمسكي، وفار التنور: نبع الماء. وقال عكرمة: وجه الأرض. تقدم جميع ذلك في أحاديث الأنبياء، وسقط هنا لأبي ذر.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿عَصِيبٌ﴾ شَدِيدٌ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ قَالَ: شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا مِثْلَهُ، وَقَالَ: وَمِنْهُ قَوْلِ الرَّاجِزِ: يَوْمٌ عَصِيبٌ يَعْصِبُ الْأَبْطَالَا وَيَقُولُونَ: عَصَبَ يَوْمُنَا يَعْصِبُ عَصَبًا أَيِ اشْتَدَّ.
قَوْلُهُ: (لَا جَرَمَ بَلَى) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ
(١) بياض في الأصل.