فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: اسْتَرْقَيْتُ. قَالَ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدَّثَنِاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ. فَقَالَ سَعِيدٌ: قَدِ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (وعُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ) سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: حَتَّى وَقَعَ فِي سَوَادٍ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِوَاوٍ وَقَافٍ، وَبِلَفْظِ: فِي، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: حَتَّى رُفِعَ بِرَاءٍ وَفَاءٍ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ فِي جَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الرُّقْيَةِ بَعْدَ قَلِيلٍ، وَكَذَلِكَ يَأْتِي الْقَوْلُ فِي الطِّيَرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٨ - بَاب الْإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنْ الرَّمَدِ فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ
٥٧٠٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂، أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَذَكَرُوا لَهُ الْكُحْلَ، وَأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى عَيْنِهَا، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي بَيْتِهَا فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا - أَوْ: فِي أَحْلَاسِهَا فِي شَرِّ بَيْتِهَا - فَإِذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بَعْرَةً، فَلَّا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ)، أَيْ: بِسَبَبِ الرَّمَدِ، وَالرَّمَدُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ: وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ فِي الطَّبَقَةِ الْمُلْتَحِمَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَهُوَ بَيَاضُهَا الظَّاهِرُ، وَسَبَبُهُ انْصِبَابُ أَحَدِ الْأَخْلَاطِ أَوْ أَبْخِرَةٍ تَصْعَدُ مِنَ الْمَعِدَةِ إِلَى الدِّمَاغِ، فَإِنِ انْدَفَعَ إِلَى الْخَيَاشِيمِ أَحْدَثَ الزُّكَامَ، أَوِ إِلَى الْعَيْنِ أَحْدَثَ الرَّمَدَ، أَوِ إِلَى اللَّهَاةِ وَالْمَنْخِرَيْنِ أَحْدَثَ الْخُنَانَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ، أَوِ إِلَى الصَّدْرِ أَحْدَثَ النَّزْلَةَ، أَوْ إِلَى الْقَلْبِ أَحْدَثَ الشَّوْصَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَدِرْ وَطَلَبَ نَفَاذًا فَلَمْ يَجِدْ أَحْدَثَ الصُّدَاعَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ) يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ مَرْفُوعًا: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ؛ فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْعِدَّةِ، لَكِنْ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ ذِكْرَ الْإِثْمِدِ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِكَوْنِ الْعَرَبِ غَالِبًا إِنَّمَا تَكْتَحِلُ بِهِ، وَقَدْ وَرَدَ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الشَّمَائِلِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ وَابْنِ مَاجَهْ، وَابْنِ عَدِيٍّ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْهُ بِلَفْظِ: عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ، وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَلَفْظُهُ: عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ مَنْبَتَةٌ لِلشَّعْرِ، مَذْهَبَةٌ لِلْقَذَى، مَصْفَاةٌ لِلْبَصَرِ، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِهِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ وَعَنْ أَنَسٍ فِي غَرِيبِ مَالِكٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ: كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْإِثْمِدِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ هَوْذَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ، الْحَدِيثَ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: إِنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ فَإِنَّهُ.
الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، وَعَنْ عَائِشَةَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِثْمِدٌ يَكْتَحِلُ بِهِ عِنْدَ مَنَامِهِ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ أَخْلَاقِ النَّبِيِّ ﷺ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَالْإِثْمِدُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ سَاكِنَةٌ وَحُكِيَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute