فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾
٤٥٢١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَطَّوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلَالًا حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ، حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلَامُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ، فإِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يتبرر فيه، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، أو أَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا. ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (يَطُوفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلَالًا) أَيِ: الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ، وَالَّذِي دَخَلَ بِعُمْرَةٍ وَتَحَلَّلَ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) هُوَ تَقْيِيدٌ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا أُطْلِقَ فِي الْآيَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ) وَقَعَ بِحَذْفِ اللَّامِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَقَوْلُهُ: من صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلَامُ أَيْ يَحْصُلُ الظَّلَامُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَوْلُهُ: من صَلَاةِ الْعَصْرِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ من أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ بَعْدَ ذَهَابِ الْقَائِلَةِ وَتَمَامِ الرَّاحَةِ لِيَقِفَ بِنَشَاطٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مِنْ بَعْدِ صَلَاتِهَا، وَهِيَ تُصَلَّى عَقِبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، جَمْعَ تَقْدِيمٍ، وَيَقَعُ الْوُقُوفُ عَقِبَ ذَلِكَ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَوَّلِ مَشْرُوعِيَّةِ الْوُقُوفِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَخْذِ بِالْأَفْضَلِ، وَإِلَّا فَوَقْتُ الْوُقُوفِ يَمْتَدُّ إِلَى الْفَجْرِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ. وَقَوْلُهُ: يَتَبَرَّرُ فِيهِ بِرَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ أَيْ: يَطْلُبُ فِيهِ الْبِرُّ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا أَوْ أَكْثَرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَفِيضُوا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ) قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ هُوَ غَايَةٌ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَفِيضُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِقَوْلِهِ: أَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ.
٣٦ - بَاب ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾
٤٥٢٢ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: