إِسْمَاعِيلَ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي عَهْدِ مُوسَى ﵇ لَا فِي عَهْدِ عِيسَى ﵇، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ عَدَدَ الْآبَاءِ بَيْنَ نَبِيِّنَا وَبَيْنَ عَدْنَانَ نَحْوُ الْعِشْرِينَ، فَيَبْعُدُ مَعَ كَوْنِ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ نَبِيِّنَا وَبَيْنَ عِيسَى ﵇ كَانَتْ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَعَ مَا عُرِفَ مِنْ طُولِ أَعْمَارِهِمْ أَنْ يَكُونَ مَعَدٌّ فِي زَمَنِ عِيسَى، وَإِنَّمَا رَجَّحَ مَنْ رَجَّحَ كَوْنَ بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ الَّذِي تَقَدَّمَ مَعَ الِاضْطِرَابِ فِيهِ اسْتِبْعَادُهُمْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَعَدٍّ وَهُوَ فِي عَصْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ أَرْبَعَةُ آبَاءٍ أَوْ خَمْسَةٌ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَمَا فَرُّوا مِنْهُ وَقَعُوا فِي نَظِيرِهِ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ، فَالْأَقْرَبُ مَا حَرَّرْتُهُ وَهُوَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ كَانَ فِي زَمَنِ عِيسَى فَالْمُعْتَمَدُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الْآبَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَقْصُورًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيُّ أَفْعَى بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَ الصَّادِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَقَوْلُهُ: ابْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ أَيِ ابْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَزْدِ، قَالَ الرَّشَاطِيُّ: الْأَزْدُ جُرْثُومَةٌ مِنْ جَرَاثِيمِ قَحْطَانَ، وَفِيهِمْ قَبَائِلُ، فَمِنْهُمْ الْأَنْصَارُ وَخُزَاعَةُ وَغَسَّانُ وَبَارِقُ وَغَامِدٌ وَالْعَتِيكُ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْأَزْدُ بْنُ الْغَوْثِ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نَسَبَ حَارِثَةَ بْنَ عَمْرٍو مُتَّصِلٌ بِالْيَمَنِ، وَقَدْ خَاطَبَ النَّبِيُّ ﷺ بَنِي أَسْلَمَ بِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ كَمَا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَمَنَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ.
وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ بَنِي أَسْلَمَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى قَحْطَانَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي أَسْلَمَ مَا وَقَعَ فِي إِخْوَتِهِمْ خُزَاعَةَ مِنَ الْخِلَافِ هَلْ هُمْ مِنْ بَنِي قَحْطَانَ أَوْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ الْقَعْقَاعِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِنَاسٍ مِنْ أَسْلَمَ وَخُزَاعَةُ وَهُمْ يَتَنَاضَلُونَ فَقَالَ: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ خُزَاعَةَ كَانُوا أَكْثَرَ، فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، وَأَجَابَ الْهَمْدَانِيُّ النَّسَّابَةُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُمْ: يَا بَنِي إِسْمَاعِيلَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ مِنْ جِهَةِ الْأُمَّهَاتِ، لِأَنَّ الْقَحْطَانِيَّةَ وَالْعَدْنَانِيَّةَ قَدِ اخْتَلَطُوا بالصهارة، فَالْقَحْطَانِيَّةُ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ مِنْ جِهَةِ الْأُمَّهَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ، وَمِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْيَمَنَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ جَدِّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
وَرِثْنَا مِنَ الْبُهْلُولِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ … وَحَارِثَةَ الْغِطْرِيفِ مَجْدًا مُؤَثَّلًا
مَآثِرَ مِنْ آلِ ابْنِ بِنْتِ ابْنِ مَالِكٍ … وَبِنْتِ ابْنِ إِسْمَاعِيلَ مَا أنْ تَحَوَّلَا
وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ كَمَا قَالَ الْهَمْدَانِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[٥ - باب]
٣٥٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إِلَّا كَفَرَ بالله، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نسب فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.
[الحديث ٣٥٠٨ - طرفه في: ٦٠٤٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute