وَالنَّهَارِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: يُخَيَّرُ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ، وَكَرِهُوا الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ حِكَايَةُ اسْتِدْلَالِ مَنِ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ ﷺ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: إِنَّمَا خَصَّ اللَّيْلَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْوِتْرَ، فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوِتْرِ غَيْرُهُ، فَيَتَنَفَّلُ الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ أَوْتَارًا، فَبَيَّنَ أَنَّ الْوِتْرَ لَا يُعَادُ، وَأَنَّ بَقِيَّةَ صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى، وَإِذَا ظَهَرَتْ فَائِدَةُ تَخْصِيصِ اللَّيْلِ صَارَ حَاصِلُ الْكَلَامِ صَلَاةَ النَّافِلَةِ سِوَى الْوِتْرِ مَثْنَى، فَيَعُمُّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ التَّهَجُّدِ وَمَا انْضَمَّ إِلَيْهَا عَلَى سِتَّةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا، وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا، وَالْخَالِصُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ سَبْعٍ وَتِسْعٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَحَدِيثِ أَنَسٍ: كَانَ يُفْطِرُ حَتَّى تظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ، وَحَدِيثِ سَمُرَةَ فِي الرُّؤْيَا، وَحَدِيثِ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدِيثِ عُبَادَةَ: مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شِعْرِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الِاسْتِخَارَةِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَشَرَةُ آثَارٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢٩ - بَاب التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ
١١٧٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ. (أَبْوَابُ التَّطَوُّعِ) لَمْ يُفْرِدِ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأُصُولِ.
١١٧٣ - وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَكَانَتْ سَاعَةً لَا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ "بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي أَهْلِهِ"
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ) تَرْجَمَ أَوَّلًا بِمَا بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ، ثُمَّ تَرْجَمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ.
قَوْلُهُ: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَجْدَتَيْنِ) أَيْ: رَكْعَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَعَ التَّبَعِيَّةُ؛ أَيْ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاةً إِلَّا التَّجْمِيعَ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ: يَجْمَعُ فِي رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ عَشْرَ رَكَعَاتٍ. فَذَكَرَهَا.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ الظُّهْرِ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.
قَوْلُهُ: (فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ اللَّيْلِيَّةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ رَوَاتِبِ النَّهَارِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَنْ عَمْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ ﷺ يَتَشَاغَلُ بِالنَّاسِ فِي النَّهَارِ غَالِبًا، وَبِاللَّيْلِ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ غَالِبًا، وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ. وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُبَادِرُ إِلَى الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى الْقَائِلَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute