حَدِيثِ سَهْلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ، وَالْإِسْنَادُ مِصْرِيُّونَ (١) إِلَّا شَيْخَهُ. وَقَوْلُهُ: وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ حَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَقِيلَ: أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ حَكَاهُ ابْنُ التِّينِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا سَيَأْتِي.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ قِيلَ: إِنَّ الْأَعْرَابِيَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَكَاهُ ابْنُ التِّينِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ لَهُ: أَعْرَابِيٌّ، وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ، فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ وَخَالِدٌ عَلَى شِمَالِهِ، فَقَالَ لِي: الشَّرْبَةُ لَكَ فَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أُوثِرُ عَلَى سُؤْرِكَ أَحَدًا فَظَنَّ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَقِصَّةَ أَنَسٍ فِي دَارِ أَنَسٍ فَافْتَرَقَا.
نَعَمْ يَصْلُحُ أَنْ يُعَدَّ خَالِدٌ مِنَ الْأَشْيَاخِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَالْغُلَامُ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ أَيْضًا: مَا كُنْتُ أُوثِرُ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ غَيْرُهُ، بَلْ قَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ذِكْرَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِيمَنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ ﷺ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَخَطَّأَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إِنَّمَا اسْتَأْذَنَ الْغُلَامُ وَلَمْ يَسْتَأْذِنِ الْأَعْرَابِيُّ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرِيعَةِ فَاسْتَأْلَفَهُ بِتَرْكِ اسْتِئْذَانِهِ بِخِلَافِ الْغُلَامِ.
(تَنْبِيهٌ): أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِتَقْدِيمِ الْأَيْمَنِ فِي الْمَشْرُوبِ تَقْدِيمَهُ فِي الْمَأْكُولِ، وَنُسِبَ لِمَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَصِحُّ عَنْهُ.
٢ - بَاب مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ
٢٣٥٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.
[الحديث ٢٣٥٣ - طرفاه في: ٢٣٥٤، ٦٩٦٢]
٢٣٥٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَإِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِمَائِهِ حَتَّى يَرْوَى، قُلْتُ: وَمَا نَفَاهُ مِنَ الْخِلَافِ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَاءَ يُمْلَكُ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يُمْلَكُ - وَهُمُ الْجُمْهُورُ - هُمُ الَّذِينَ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَبِالرَّفْعِ عَل ى أَنَّهُ خَبَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ النَّهْيُ. وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالْجَزْمِ بِلَفْظِ النَّهْيِ. وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي إِيرَادِ
(١) وجد بهامش احدى النسخ التي طبع عليها بمطبعة بولاق "والاسناد مدنيون، إلا شيخه سعيد بن أبي مريم فإنه مصري كما يعلم من مراجعة كلامهم"