(خَاتِمَةٌ):
اشْتَمَلَ كِتَابُ الْفَرَائِضِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، وَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا، وَالْبَقِيَّةُ خَالِصَةٌ لَمْ يُخَرِّجْ مُسْلِمٌ مِنْهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فِي تَوْرِيثِ الْأُخْتِ وَالْبِنْتِ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي تَوْرِيثِ بِنْتِ الِابْنِ، وَحَدِيثُهُ فِي السَّائِبَةِ وَحَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ الْمُعَلَّقُ فَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِتَخْرِيجِهَا. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَثَرًا، وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
﷽
٨٦ - كِتَاب الْحُدُودِ
قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم - كِتَابُ الْحُدُودِ). جَمْعُ حَدٍّ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ هُنَا حَدُّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ، وَقَدْ حَصَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا قِيلَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ بِهِ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ شَيْئًا، فَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ وَالْحِرَابَةُ مَا لَمْ يَتُبْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَالزِّنَا وَالْقَذْفُ بِهِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ سَوَاءٌ أَسَكِرَ أَمْ لَا وَالسَّرِقَةُ، وَمِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ جَحْدُ الْعَارِيَةِ وَشُرْبُ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ، وَالْقَذْفُ بِغَيْرِ الزِّنَا، وَالتَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ وَاللِّوَاطُ وَلَوْ بِمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا، وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ وَالسِّحَاقُ، وَتَمْكِينُ الْمَرْأَةِ الْقِرْدَ وَغَيْرَهُ مِنَ الدَّوَابِّ مِنْ وَطْئِهَا، وَالسِّحْرُ، وَتَرْكُ الصَّلَاةِ تَكَاسُلًا، وَالْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ، هَذَا كُلُّهُ خَارِجٌ عَمَّا تُشْرَعُ فِيهِ الْمُقَاتَلَةُ كَمَا لَوْ تَرَكَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ وَنَصَبُوا لِذَلِكَ الْحَرْبَ.
وَأَصْلُ الْحَدِّ مَا يَحْجِزُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَيَمْنَعُ اخْتِلَاطَهُمَا، وَحَدُّ الدَّارِ مَا يُمَيِّزُهَا، وَحَدُّ الشَّيْءِ وَصْفُهُ الْمُحِيطُ بِهِ الْمُمَيِّزُ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ. وَسُمِّيَتْ عُقُوبَةُ الزَّانِي وَنَحْوِهِ حَدًّا لِكَوْنِهَا تَمْنَعُهُ الْمُعَاوَدَةَ أَوْ لِكَوْنِهَا مُقَدَّرَةً مِنَ الشَّارِعِ، وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى الْمَنْعِ سُمِّيَ الْبَوَّابُ حَدَّادًا.
قَالَ الرَّاغِبُ: وَتُطْلَقُ الْحُدُودُ وَيُرَادُ بِهَا نَفْسُ الْمَعَاصِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا﴾ وَعَلَى فِعْلٍ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَمِنْهُ ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ وَكَأَنَّهَا لَمَّا فَصَلَتْ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ سُمِّيَتْ حُدُودًا، فَمِنْهَا مَا زُجِرَ عَنْ فِعْلِهِ وَمِنْهَا مَا زُجِرَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فَهُوَ مِنَ الْمُمَانَعَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ اسْتِعْمَالُ الْحَدِيدِ إِشَارَةً إِلَى الْمُقَاتَلَةِ، وَذُكِرَتِ الْبَسْمَلَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ سَابِقَةً عَلَى كِتَابٍ.
١ - بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْحُدُودِ
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الْحُدُودِ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَدِيثًا، وَلِغَيْرِهِ مَا يُحْذَرُ عَطْفًا عَلَى الْحُدُودِ. وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ جَعَلَ الْبَسْمَلَةَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالْبَابِ ثُمَّ قَالَ: لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَخْ.
٢ - بَاب الزنا وشْرَبُ الْخَمْرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ فِي الزِّنَا
٦٧٧٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute