للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّهْبَةَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ) أَيِ التَّحْذِيرُ مِنْ تَعَاطِيهِمَا. ثَبَتَ هَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ فِي الزِّنَا) وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدْعُو غِلْمَانَهُ غُلَامًا غُلَامًا فَيَقُولُ: أَلَا أُزَوِّجُكَ؟ مَا مِنْ عَبْدٍ يَزْنِي إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ نُورَ الْإِيمَانِ.

وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: مَنْ زَنَى نَزَعَ اللَّهُ نُورَ الْإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ رَدَّهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبَى هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أَيِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.

قَوْلُهُ: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) قَيَّدَ نَفْيَ الْإِيمَانِ بِحَالَةِ ارْتِكَابِهِ لَهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ زَوَالَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ إِذَا أَقْلَعَ الْإِقْلَاعَ الْكُلِّيَّ، وَأَمَّا لَوْ فَرَغَ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ كَالْمُرْتَكِبِ فَيُتَّجَهُ أَنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ عَنْهُ يَسْتَمِرُّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُحَارِبِينَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ.

وَلَكِنْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِذَا زَالَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ. لَيْسَ إِذَا تَابَ مِنْهُ وَلَكِنْ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُصِرَّ وَإِنْ كَانَ إِثْمُهُ مُسْتَمِرًّا لَكِنْ لَيْسَ إِثْمُهُ كَمَنْ بَاشَرَ الْفِعْلَ كَالسَّرِقَةِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فِي الْأَشْرِبَةِ: وَلَا يَشْرَبُهَا وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الْفَاعِلِ مِنَ الشُّرْبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ.

قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِيهِ جَوَازُ حَذْفِ الْفَاعِلِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا يَشْرَبُ الشَّارِبُ الْخَمْرَ إِلَخْ، وَلَا يَرْجِعُ الضَّمِيرُ إِلَى الزَّانِي لِئَلَّا يَخْتَصَّ بِهِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ شَرِبَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَا يَسْرِقُ وَلَا يَقْتُلُ وَفِي لَا يَغُلُّ، وَنَظِيرُ حَذْفِ الْفَاعِلِ بَعْدَ النَّفْيِ قِرَاءَةُ هِشَامٍ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ أَوَّلَهُ، أَيْ: لَا يَحْسَبَنَّ حَاسِبٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً) بِضَمِّ النُّونِ هُوَ الْمَالُ الْمَنْهُوبُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَأْخُوذُ جَهْرًا قَهْرًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنْتَهِبَنَّ أَحَدُكُمْ نُهْبَةً الْحَدِيثَ، وَأَشَارَ بِرَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى حَالَةِ الْمَنْهُوبِينَ فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَنْهَبُهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ التَّسَتُّرِ بِذَلِكَ فَيَكُونَ صِفَةً لَازِمَةً لِلنَّهْبِ، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالِاخْتِلَاسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي خُفْيَةٍ، وَالِانْتِهَابُ أَشَدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ الْجَرَاءَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الَّتِي يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا عَقِبَهَا ذَاتَ شَرَفٍ أَيْ ذَاتَ قَدْرٍ حَيْثُ يُشْرِفُ النَّاسُ لَهَا نَاظِرِينَ إِلَيْهَا وَلِهَذَا وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، وَلَفْظُ: يُشْرِفُ وَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِالْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ؛ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.

قَوْلُهُ: (يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَخْ) هَكَذَا وَقَعَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ فِي النُّهْبَةِ دُونَ السَّرِقَةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّهْبَةَ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ