لَقَدْ سَمِعَ كُلَّهُ) أَيْ لِأَنَّ نِسْبَةَ جَمِيعِ الْمَسْمُوعَاتِ إِلَيْهِ وَاحِدَةٌ فَالتَّخْصِيصُ تَحَكُّمٌ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ كَانَ أَفْطَنَ أَصْحَابِهِ، وَأَخْلِقْ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا فَيَقُولُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ أَوِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ حُمَيْدٌ أَحَدُهُمْ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ وَتَرَكَ ذَلِكَ مِرَارًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ) هَذَا كَلَامُ الْحُمَيْدِيِّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ مَنْصُورٍ أَحَدًا. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَحْدَهُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مَنْصُورٍ) لِسُفْيَانَ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَهُوَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ تَرَكَ طَرِيقَ الْأَعْمَشِ لِلِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ قِيلَ عَنْهُ هَكَذَا، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ.
٤٢ - سُورَةُ حم عسق
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَقِيمًا لَا تَلِدُ. رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا: الْقُرْآنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ: نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ. لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا: لَا خُصُومَةَ بيننا وبينكم. طَرْفٍ خَفِيٍّ: ذَلِيلٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ يَتَحَرَّكْنَ وَلَا يَجْرِينَ فِي الْبَحْرِ. شَرَعُوا: ابْتَدَعُوا.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ ﴿حم * عسق﴾. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿عَقِيمًا﴾ الَّتِي لَا تَلِدُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: ﴿وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ قَالَ: لَا يُلَقَّحُ. وَذَكَرَهُ بِاللَّفْظِ الْمُعَلَّقِ بِلَفْظِ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ الْقُرْآنُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ قَالَ: وَحْيًا. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ قَالَ: رَحْمَةً.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾ نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾ قَالَ: نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ مِنَ النَّاسِ وَالْأَنْعَامِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَذْرَؤُكُمْ﴾ قَالَ: يَخْلُقُكُمْ.
قَوْلُهُ: ﴿لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: كِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ وَنَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ ذَلِيلٍ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ قَالَ: يُسَارِقُونَ النَّظَرَ، وَتَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ هُوَ بِلَازِمِ هَذَا.
قَوْلُهُ: ﴿شَرَعُوا﴾ ابْتَدَعُوا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: ﴿فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ﴾: يَتَحَرَّكْنَ وَلَا يَجْرِينَ فِي الْبَحْرِ) وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُفُنُ هَذَا الْبَحْرِ تَجْرِي بِالرِّيحِ فَإِذَا أُمْسِكَتْ عَنْهَا الرِّيحُ رَكَدَتْ، وَقَوْلُهُ يَتَحَرَّكْنَ أَيْ يَضْرِبْنَ بِالْأَمْوَاجِ، وَلَا يَجْرِينَ فِي الْبَحْرِ بِسُكُونِ الرِّيحِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَا سَقَطَتْ فِي قَوْلِهِ يَتَحَرَّكْنَ