١٤٨٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قَالَ: حَتَّى تَحْمَارَّ.
[الحديث ١٤٨٨ - أطرافه في: ٢١٩٥، ٢١٩٧، ٢١٩٨، ٢٢٠٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ بَاعَ ثِمَارَهُ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ نَخْلَهُ أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ أَوِ الصَّدَقَةُ فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ بَاعَ ثِمَارَهُ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ. . . إِلَخْ) ظَاهِرُ سِيَاقِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَرَى جَوَازَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَلَوْ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ بِالْخَرْصِ مَثَلًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ: حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْدَ الْخَرْصِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ بِهَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَائِلُ هَذَا حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى الْجَوَازِ بَعْدَ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ الْخَرْصِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْعُشْرُ أَوِ الصَّدَقَةُ، فَمِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ فِي الثِّمَارِ الْعُشْرَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نِصَابٍ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَسْقُطُ بِالْبَيْعِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ. فَلِأَنَّهُ إِذَا بَاعَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَقَدْ فَعَلَ أَمْرًا جَائِزًا كَمَا تَقَدَّمَ فَتَعَلَّقَتِ الزَّكَاةُ بِذِمَّتِهِ، فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَنْ غَيْرِهِ أَوْ يُخْرِجَ قِيمَتَهَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجِيزُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ كَمَا سَبَقَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاحِ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْإِيتَاءِ إِنَّمَا هُوَ يَوْمَ الْحَصَادِ عَلَى رَأْيِ مَنْ جَعَلَهَا فِي الزَّكَاةِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا تَعَرَّضَتِ الْآيَةُ لِبَيَانِ زَمَنِ الْإِيتَاءِ لَا لِبَيَانِ زَمَانِ الْوُجُوبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ فِي تَصْحِيحِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ اسْتِعْمَالَ الْخَرْصِ عِنْدَ الصَّلَاحِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ، فَطَوَاهَا بِتَقْدِيمِهِ حُكْمَ الْخَرْصِ فِيمَا سَبَقَ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ رَشِيدٍ، وَقَالَ ابنُ بَطَّالٍ: أَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْهُ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ، وَعَنْ مَالِكٍ الْعُشْرُ عَلَى الْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ، وَعَنْ أَحْمَدَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ) أَسْنَدَهُ فِي الْبَابِ بِمَعْنَاهُ، وَأَمَّا هَذَا اللَّفْظُ فَمَذْكُورٌ عِنْدَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ هُنَاكَ عَلَى حَدِيثِهِ، وَعَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا.
وقَوْلُهُ: (وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاحِهَا قَالَ: حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ) أَيِ: الثَّمَرُ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: عَاهَتُهَا، وَهُوَ مَقُولُ ابْنِ عُمَرَ، بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ: فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: مَا صَلَاحُهُ؟ قَالَ: تَذْهَبُ عَاهَتُهُ.
٥٩ - بَاب هَلْ يَشْتَرِي صَدَقَتَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَة غَيْرُهُ
لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا نَهَى الْمُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنْ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ
١٤٨٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ: لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ لَا يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ إِلَّا جَعَلَهُ صَدَقَةً.
[الحديث ١٤٨٩ - أطرافه في: ٢٧٧٥، ٢٩٧١، ٣٠٠٢]