بِخِلَافِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُبْرِدُ بِهَا، وَكَانَ يَقِيلُ قَبْلَهَا، وَأَغْرَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: لَا تُجْزِئُ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ فِي الْمَسْجِدِ، حَكَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْهُ عَقِبَ رِوَايَتِهِ لِحَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، رَفَعَهُ: إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ صَلَاةِ الْبُيُوتِ. وَقَالَ: إِنَّهُ حَكَى ذَلِكَ لِأَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَاسْتَحْسَنَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ: بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي أَهْلِهِ. تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ.
قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ) أَيْ: بِنْتُ عُمَرَ، وَقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (سَجْدَتَيْنِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: رَكْعَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ سَاعَةً) قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ بِلَفْظِ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، وَطَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ عَنْ حَفْصَةَ وَقْتَ إِيقَاعِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ لَا أَصْلَ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْجُمُعَةِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ) أَيْ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ (بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي أَهْلِهِ)؛ أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ فِي بَيْتِهِ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَأَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ) أَمَّا رِوَايَةُ كَثِيرٍ فَلَمْ تَقَعْ لِي مَوْصُولَةً، وَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ فَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا قَرِيبًا، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ لِلْفَرَائِضِ رَوَاتِبَ تُسْتَحَبُّ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ حِمَايَةً لِلْفَرَائِضِ، لَكِنْ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَطَوُّعٍ بِمَا شَاءَ إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ، وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى مُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ.
٣٠ - بَاب مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ
١١٧٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرًا قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَوَاقِيتِ، وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْجَمْعَ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّخَلُّلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِصَلَاةٍ رَاتِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَيَدُلُّ عَلَى تَرْكِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْأُولَى، وَهُوَ الْمُرَادُ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَكَذَا التَّطَوُّعُ قَبْلَ الْأُولَى مُحْتَمَلٌ.
٣١ - بَاب صَلَاةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ
١١٧٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ تَوْبَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ ﵄: أَتُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالنَّبِيُّ ﷺ؟ قَالَ: لَا إِخَالُهُ.
١١٧٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ.