للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وِفَاقًا، وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَيْضًا إِرَادَةُ الْإِجَابَةِ إِلَى مَا يَلْتَمِسُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الشِّفَاءُ وَلَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْمَلْدُوغَ لَوْ كَانَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ.

١٧ - بَاب ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الْإِمَاءِ

٢٢٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِيَّ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الْإِمَاءِ) الضَّرِيبَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ: مَا يُقَدِّرُهُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَضَرَائِبُ جَمْعُهَا، وَيُقَالُ لَهَا: خَرَاجٌ، وَغَلَّةٌ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ وَأَجْرٌ، وَقَدْ وَقَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَيْبَةَ حَجَمَ النَّبِيَّ وَكَلَّمَ مَوَالِيهِ فَخَفَّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا بَيَانُ حُكْمِ ذَلِكَ، وَفِي تَقْرِيرِ النَّبِيِّ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَسَأَذْكُرُ كَمْ كَانَ قَدْرُ الضَّرِيبَةِ بَعْدَ بَابٍ. وَأَمَّا ضَرَائِبُ الْإِمَاءِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ وَاخْتِصَاصُهَا بِالتَّعَاهُدِ لِكَوْنِهَا مَظِنَّةَ تَطَرُّقِ الْفَسَادِ فِي الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَكَمَا يُخْشَى مِنِ اكْتِسَابِ الْأَمَةِ بِفَرْجِهَا يُخْشَى مِنِ اكْتِسَابِ الْعَبْدِ بِالسَّرِقَةِ مَثَلًا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ هُوَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ الْأَحْمَرِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا حُذَيْفَةُ حِينَ قَدِمَ الْمَدَائِنَ، فَقَالَ: تَعَاهَدُوا ضَرَائِبَ إِمَائِكُمْ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِلَفْظِ: ضَرَائِبَ غِلْمَانِكُمْ وَاسْمُ الْأَحْمَرِيِّ هَذَا مَالِكٌ.

وَأَوْرَدَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ مُطَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ شِدَادِ بْنِ الْفُرَاتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ قَالَ: كُنْتُ تَحْتَ مِنْبَرِ حُذَيْفَةَ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: نُهِيَ عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّعَاهُدِ التَّفَقُّدَ لِمِقْدَارِ ضَرِيبَةِ الْأَمَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ ثَقِيلَةً فَتَحْتَاجَ إِلَى التَّكَسُّبِ بِالْفُجُورِ، وَدَلَالَتُهُ مِنَ الْحَدِيثِ أَمْرُهُ بِتَخْفِيفِ ضَرِيبَةِ الْحَجَّامِ، فَلُزُومُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَمَةِ أَقْعَدُ وَأَوْلَى لِأَجْلِ الْغَائِلَةِ الْخَاصَّةِ بِهَا.

١٨ - بَاب خَرَاجِ الْحَجَّامِ

٢٢٧٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أجره.

٢٢٧٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ.

٢٢٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ يَحْتَجِمُ، وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَيْسَتْ لَهُ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ حَدِيثٌ فِي الطَّهَارَةِ وَآخَرُ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا، وَهُوَ جَمِيعُ مَا لَهُ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ خَرَاجِ الْحَجَّامِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَزَادَ