مُحَاضِرًا تَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ عَلَى ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هُنَا: إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِيهِمَا، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إِجْرَاءِ الْمُعْتَلِّ لِمَجْرَى الصَّحِيحِ وَالِاكْتِفَاءِ بِحَذْفِ الْحَرَكَةِ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ﴾.
(تَنْبِيهٌ): سَقَطَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ إِبْرَاهِيمُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ.
٦٨ - بَاب الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ، وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ
وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: ائْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ
٧١٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ ﵁.
قَوْلُهُ: (بَابُ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَسْرُوقٍ، وَالشَّعْبِيِّ: إِنَّ الصُّفُوفَ يَؤُمُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ. قُلْتُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَأْتَمُّونَ بِهِمْ فِي التَّبْلِيغِ فَقَطْ، كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ، بَلِ الْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ فِيمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الصَّفَّ الَّذِي يَلِيهِ رُءُوسَهُمْ مِنَ الرَّكْعَةِ: إِنَّهُ أَدْرَكَهَا، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ أَئِمَّةٌ. انْتَهَى.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَرَى أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ عَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضَ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ، وَأَثَرُ الشَّعْبِيِّ الْأَوَّلُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالثَّانِي وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَلَمْ يُفْصِحِ الْبُخَارِيُّ بِاخْتِيَارِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالتَّرْجَمَةِ لدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ أَيْ: أَنَّهُ فِي مَقَامِ الْمُبَلِّغِ، ثُمَّ ثَنَّى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا اقْتِدَاءَ النَّاسِ بِأَبِي بَكْرٍ، وَرَشَّحَ ظَاهِرَهَا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ الشَّعْبِيِّ، وَيَرَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: يَسْمَعُ النَّاسُ التَّكْبِيرَ، لَا يَنْفِي كَوْنَهُمْ يَأْتَمُّونَ بِهِ؛ لِأَنَّ إِسْمَاعَهُ لَهُمُ التَّكْبِيرَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ مَا يَأْتَمُّونَ بِهِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ لِغَيْرِهِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ الْمَذْكُورِ وَوَكِيعٍ جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ فِيهِ: وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي أَصْحَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute