مِنْ حِصَّةِ الْبَاطِلِ، وَقِيلَ مِنْ حَصَّهُ إِذَا قَطَعَهُ، وَمِنْهُ أَحَصَّ الشَّعْرَ وَحَصَّ وَحَصْحَصَ مِثْلُ كَفَّ وَكَفْكَفَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُهْمَلَةٌ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ، مِصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا عُثْمَانَ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، نَسَبَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَى جَدِّهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) هُوَ الْعُتَقِيُّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا قَافٌ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ صَاحِبُ مَالِكٍ وَرَاوِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عِلْمِ مَالِكٍ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَ الْمَوْضِعِ. وَالْإِسْنَادُ مُسَلْسَلٌ بِالْمِصْرِيِّينَ إِلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَالْبَاقُونَ مَدَنِيُّونَ، وَفِيهِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ الْمِصْرِيَّ الْفَقِيهَ الْمَشْهُورَ مِنْ أَقْرَانِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي تَرْجَمَتَيْ إِبْرَاهِيمَ وَلُوطِ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
٦ - بَاب ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ﴾
٤٦٩٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ﴾ قَالَ: قُلْتُ: أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: كُذِّبُوا. قُلْتُ: فَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. قَالَتْ: أَجَلْ، لَعَمْرِي لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهَا: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا؟ قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنْ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الْآيَةُ؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْبَلَاءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمْ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتْ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ. جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ.
٤٦٩٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ فَقُلْتُ لَعَلَّهَا كُذِبُوا مُخَفَّفَةً قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ نَحْوَه"
قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ﴾ اسْتَيْأَسَ اسْتَفْعَلَ مِنَ الْيَأْسِ ضِدُّ الرَّجَاءِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ﴾ اسْتَفْعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ، وَمِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِاسْتَفْعَلَ إِلَّا الْوَزْنَ خَاصَّةً وَإِلَّا فَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ، وَاسْتَيْأَسَ بِمَعْنَى يَئِسَ كَاسْتَعْجَبَ وَعَجِبَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَقَعُ فِي مِثْلِ هَذَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْغَايَةُ مِنْ قَوْلِهِ: (حَتَّى) فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَحْذُوفٌ، فَقِيلَ التَّقْدِيرُ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ فَتَرَاخَى النَّصْرُ عَنْهُمْ (حَتَّى إِذَا) وَقِيلَ التَّقْدِيرُ فَلَمْ تُعَاقَبْ أُمَمُهُمْ حَتَّى إِذَا، وَقِيلَ فَدَعَوْا قَوْمَهُمْ فَكَذَّبُوهُمْ فَطَالَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا.
قَوْلُهُ: (عَنْ صَالِحٍ) هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ﷿ فِي رِوَايَةِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ كُذِّبُوا أَمْ كُذِبُوا) أَيْ مُثَقَّلَةٌ أَوْ مُخَفَّفَةٌ؟ وَوَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ هَذِهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَتْ عَائِشَةُ كُذِّبُوا) أَيْ بِالتَّثْقِيلِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مُثَقَّلَةٌ.
قَوْلُهُ: (فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ؟ قَالَتْ أَجَلْ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قُلْتُ فَهِيَ مُخَفَّفَةٌ، قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا