الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ لَا أَنَّهُ الْمُرَادُ فَقَطْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ الْجَارُ وَلَا يَضَعَ عَلَيْهِ مَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَالِكُ وَلَا يُقَدَّمَ عَلَى حَاجَةِ الْمَالِكِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ فِي وَضْعِ الْجِذْعِ إِلَى نَقْبِ الْجِدَارِ أَوْ لَا، لِأَنَّ رَأْسَ الْجِذْعِ يَسُدُّ الْمُنْفَتِحَ وَيُقَوِّي الْجِدَارَ.
٢١ - بَاب صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ
٢٤٦٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ ﵁: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا. فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ الْآيَةَ.
[الحديث ٢٤٦٤ - أطرافه في: ٤٦١٧، ٤٦٢٠، ٥٥٨٠، ٥٥٨٢، ٥٥٨٣، ٥٥٨٤، ٥٦٠٠، ٥٦٢٢، ٧٢٥٣]
قَوْلُهُ: (بَابُ صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ)؛ أَيِ الْمُشْتَرَكَةِ، إِذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِإِزَالَةِ مَفْسَدَةٍ تَكُونُ أَقْوَى مِنَ الْمَفْسَدَةِ الْحَاصِلَةِ بِصَبِّهَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ، وَشَيْخُهُ عَفَّانُ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَاسِطَةٍ.
قَوْلُهُ: (كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ) سَيَأْتِي تَسْمِيَةُ مَنْ عُرِفَ مِنْهُمْ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ)؛ أَيْ طُرُقِهَا، وَفِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: حُرِّمَتْ (١)، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِإِرَاقَتِهَا، فَأُرِيقَتْ فَجَرَتْ. وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: إِنَّمَا صُبَّتِ الْخَمْرُ فِي الطَّرِيقِ لِلْإِعْلَانِ بِرَفْضِهَا وَلِيُشْهَرَ تَرْكُهَا، وَذَلِكَ أَرْجَحُ فِي الْمَصْلَحَةِ مِنَ التَّأَذِّي بِصَبِّهَا فِي الطَّرِيقِ.
٢٢ - بَاب أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا، وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ
فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ
٢٤٦٥ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ. فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ: فَإِذَا أَتيْتُمْ إلى الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا. قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ.
[الحديث ٢٤٦٥ - طرفه في: ٦٢٢٩]
(١) بهامش طبعة بولاق: قوله "وفي السياق حذف إلخ" لعله كتب على رواية أبي ذر، فالرواية التي هنا ليست كذلك