أَيِ: ابْنُ مُعَاذٍ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَكْحَلِ) هُوَ عِرْقٌ فِي الْيَدِ.
قَوْلُهُ: (خَيْمَةٌ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: لِسَعْدٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُعْهُمْ) أَيْ يُفْزِعْهُمْ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ فِي حَالِ طُمَأْنِينَةٍ حَتَّى أَفْزَعَتْهُمْ رُؤْيَةُ الدَّمِ فَارْتَاعُوا لَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ السُّرْعَةُ لَا نَفْسُ الْفَزَعِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلَمْ يَرُعْهُمْ إِلَّا الدَّمُ، وَالْمَعْنَى فَرَاعَهُمُ الدَّمُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ قِبَلِكُمْ) بِكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ مِنْ جِهَتِكُمْ.
قَوْلُهُ: (يَغْذُو) بغَيْنٌ وَذَالٌ مُعْجَمَتَيْنِ، أَيْ يَسِيلُ.
قَوْلُهُ: (فَمَاتَ فِيهَا) أَيْ: فِي الْخَيْمَةِ، أَوْ فِي تِلْكَ الْمَرْضَةِ. وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فَمَاتَ مِنْهَا أَيِ: الْجِرَاحَةِ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ.
٧٨ - بَاب إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَافَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَعِيرٍ
٤٦٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي قَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بـ (الطور وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ).
[الحديث ٤٦٤ - أطرافه في: ٤٨٥٣، ١٦٣٣، ١٦٣٦، ١٦١٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ) أَيْ: لِلْحَاجَةِ، وَفَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلَّةِ الضَّعْفُ، فَقَالَ: هُوَ ظَاهِرٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ دُونَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِي، فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَمَّا اللَّفْظُ الْمُعَلَّقُ فَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَأْتِي أَيْضًا قَوْلِ جَابِرٍ: أَنَّهُ إِنَّمَا طَافَ عَلَى بَعِيرِهِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيَسْأَلُوهُ.
وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا فِي الْحَجِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ مَدَنِيُّونَ، وَفِيهِ تَابِعِيَّانِ مُحَمَّدٌ، وَعُرْوَةُ، وَصَحَابِيَّتَانِ زَيْنَبُ وَأُمُّهَا أُمُّ سَلَمَةَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ دُخُولِ الدَّوَابِّ الَّتِي يُؤْكَلُ لَحْمُهَا الْمَسْجِدَ إِذَا احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَوْلَهَا لَا يُنَجِّسُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الدَّوَابِّ. وَتُعَقِّبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، بَلْ ذَلِكَ دَائِرٌ عَلَى التَّلْوِيثِ وَعَدَمِهِ، فَحَيْثُ يُخْشَى التَّلْوِيثُ يَمْتَنِعُ الدُّخُولُ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ نَاقَتَهُ ﷺ كَانَتْ مُنَوَّقَةً، أَيْ: مُدَرَّبَةً مُعَلَّمَةً، فَيُؤْمَنُ مِنْهَا مَا يُحْذَرُ مِنَ التَّلْوِيثِ وَهِيَ سَائِرَةٌ (١)، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرُ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَ كَذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[٧٩ - باب]
٤٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ
(١) هذا الكلام ليس بشيء، والصواب طهارة أبوال الإبل ونحوها مما يؤكل لحمه، فلا يضر المسجد وجود شيء من ذلك كما أشار إليه ابن بطال. فتنبه، وانظر حاشية ص ٣٣٩