للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا غَابَ فَلَا تُسْمَعُ، وَبِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْحُكْمُ مَعَ غَيْبَتِهِ لَمْ يَكُنِ الْحُضُورُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ: بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ حُجَّتَهُ إِذَا حَضَرَ قَائِمَةٌ فَتُسْمَعُ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا، وَلَوْ أَدَّى إِلَى نَقْضِ الْحُكْمِ السَّابِقِ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَاضِرَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: حَدِيثُ عَلِيٍّ، إِنَّمَا هُوَ مَعَ إِمْكَانِ السَّمَاعِ، فَأَمَّا مَعَ تَعَذُّرِهِ بِمَغِيبٍ فَلَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ بِإِغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ حَجْرٍ أَوْ صِغَرٍ، وَقَدْ عَمِلَ الْحَنَفِيَّةُ بِذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ لِلْغَائِبِ مَالٌ أَنْ يَدْفَعَ مِنْهُ نَفَقَةَ زَوْجِ الْغَائِبِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَذَكَرَ ابْنُ التِّينِ فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ: خُرُوجَ الْمَرْأَةِ فِي حَوَائِجِهَا، وَأَنَّ صَوْتَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ. قُلْتُ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّ هِنْدًا كَانَتْ جَاءَتْ لِلْبَيْعَةِ فَوَقَعَ ذِكْرُ النَّفَقَةِ تَبَعًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَحَالُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنًى وَإِنَّمَا النِّزَاعُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ.

٢٩ - بَاب مَنْ قُضِيَ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ

فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا

٧١٨١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ ابنة أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ : أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا.

٧١٨٢ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِحَقِّ أَخِيهِ أَيْ خَصْمِهِ فَهِيَ أُخُوَّةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ