الْغَرَضِ، وَأَمَّا نَفْعُهُ فِي الْآجِلِ فَظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ) فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَلِلرَّسُولِ.
قَوْلُهُ: (مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا) وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٢ - بَاب الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ
٥٠٣٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَالَ له: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي. قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ. فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّهَا. قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبْ، فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلٍ فِي الْوَاهِبَةِ مُطَوَّلًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ لِقَوْلِهِ فِيهِ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَدَلَّ عَلَى فَضْلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لِأَنَّهَا أَمْكَنُ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى التَّعْلِيمِ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الدَّلَالَةَ عَلَى أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْ تِلَاوَتِهِ نَظَرًا مِنَ الْمُصْحَفِ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَعَلِمَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِاسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَعْلِيمِهِ لِزَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا وَلَا عَدَمَهَ. قُلْتُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَابُ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَشْرُوعِيَّتُهَا أَوِ اسْتِحْبَابُهَا، وَالْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِمَا تَرْجَمَ بِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَاءَةِ نَظَرًا. وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنَ الْمُصْحَفِ نَظَرًا أَفْضَلُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ رَفَعَهُ قَالَ: فَضْلُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ نَظَرًا عَلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ ظَهْرًا كَفَضْلِ الْفَرِيضَةِ عَلَى النَّافِلَةِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَدِيمُوا النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ أَسْلَمُ مِنَ الْغَلَطِ، لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute