للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَنْ مَعَهُ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَأَبَيْتُ أَنْ أَسْجُدَ وَلَمْ يَكُنِ الْمُطَّلِبُ يَوْمَئِذٍ أَسْلَمَ. وَمَهْمَا ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَرَهُ أَوْ خَصَّ وَاحِدًا بِذِكْرِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَخْذِ الْكَفِّ مِنَ التُّرَابِ دُونَ غَيْرِهِ. وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ النَّجْمَ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي بَدَاءَةِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ أَوَّلُ السُّوَرِ نُزُولًا وَفِيهَا أَيْضًا سَجْدَةٌ فَهِيَ سَابِقَةٌ عَلَى النَّجْمِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّابِقَ مِنِ اقْرَأْ أَوَائِلُهَا، وَأَمَّا بَقِيَّتُهَا فَنَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ. بِدَلِيلِ قِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ فِي نَهْيِهِ لِلنَّبِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوِ الْأَوَّلِيَّةُ مُقَيَّدَةٌ بِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ بِلَفْظِ أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ اسْتَعْلَنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ وَالنَّجْمِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْكَبِيرِ (١) بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ? أَوَّلُ سُورَةٍ تَلَاهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَذَكَرَهُ، فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ سُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ تَلَاهَا جَهْرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢ - بَاب سَجْدَةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ

١٠٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ.

قوله (بَابُ سَجْدَةِ تَنْزِيلِ السَّجْدَةِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعُوا عَلَى السُّجُودِ فِيهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي السُّجُودِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ. انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ مُسْتَوْفًى.

٣ - بَاب سَجْدَةِ ص

١٠٦٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ص لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَسْجُدُ فِيهَا.

[الحديث ١٠٦٩ - طرفه في ٣٤٢٢]

قَوْلُهُ: (بَابُ سَجْدَةِ ص) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ ص لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ يَعْنِي السُّجُودَ فِي ص إِلَى آخِرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَزَائِمِ مَا وَرَدَتِ الْعَزِيمَةُ عَلَى فِعْلِهِ كَصِيغَةِ الْأَمْرِ مَثَلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَنْدُوبَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْوُجُوبِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: أَنَّ الْعَزَائِمَ حم وَالنَّجْمِ وَاقْرَأْ والم تَنْزِيلُ. وَكَذَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ، وَقِيلَ: الْأَعْرَافُ وَسُبْحَانَ وحم والم، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَسْجُدُ فِيهَا) وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ ص عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ فِي ص، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ سَجْدَةَ ص، ثُمَّ اتَّفَقَا فَقَالَ: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ فَفِي هَذَا أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مَشْرُوعِيَّةَ السُّجُودِ فِيهَا


(١) بهامش طبعة بولاق: في نسخة "عبدالكريم".