﵂: إنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَ: وَعَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ - أَوْ الْفُحْشَ - قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا) أَيْ لِأَنَّا نَدْعُو عَلَيْهِمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَدْعُونَ عَلَيْنَا بِالظُّلْمِ.
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قَوْلِ الْيَهُودِ السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَفِي قَوْلِهَا لَهُمْ السَّامُ عَلَيْكُمْ وَاللَّعْنَةُ، وَفِي آخِرِهِ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَإِنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ عَلَيْنَا، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَائِشَةَ فِي نَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ فَقَالَ: مَهْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ، قَالُوا قَوْلًا فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَضُرَّنَا شَيْءٌ وَلَزِمَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ، وَفِيهِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الدَّاعِيَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا عَلَى مَنْ دَعَا عَلَيْهِ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ﴾ وَقَوْلُهُ هُنَا وَإِيَّاكَ وَالْعُنْفَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَفَتْحُهَا، وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ.
٦٣ - بَاب التَّأْمِينِ
٦٤٠٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
قَوْلُهُ (بَابُ التَّأْمِينِ) يَعْنِي قَوْلَ آمِينَ عَقِبَ الدُّعَاءِ.
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَارِئِ هُنَا الْإِمَامُ إِذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَارِئِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، وَوَرَدَ فِي التَّأْمِينِ مُطْلَقًا أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا يَجْتَمِعُ مَلَأٌ فَيَدْعُو بَعْضُهُمْ وَيُؤَمِّنُ بَعْضُهُمْ إِلَّا أَجَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ، فَقَالَ: أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ، فَقَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: بِآمِينَ. فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا فُلَانُ، اخْتِمْ بِآمِينَ وَأَبْشِرْ. وَكَانَ أَبُو زُهَيْرٍ يَقُولُ: آمِينَ مِثْلُ الطَّابِعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي بَابِ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ - مَا فِي آمِينَ مِنَ اللُّغَاتِ وَاخْتِلَافٍ فِي مَعْنَاهَا، فَأَغْنَى عَنِ الْإِعَادَةِ.
٦٤ - باب فَضْلِ التَّهْلِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute